تملـُصَات!



في 31 مارس 2008 الساعة: 09:10 ص

إن التملص من المسؤولية الإنسانية، ناهيك عن المسؤولية الواجبة، بحكم العمل في قطاع وظيفته الأساسية الحفاظ على أمن وسلامة المواطن والمقيم؛ أقول إن هذا التملص الذي تـُظهره بعض القطاعات الحكومية تتعدد أسبابه، منها الحقد والخوف والإهمال، وضحيته الأولى والأخيرة المواطن أو المقيم. إنه استخفافٌ مهينٌ مؤلم! ولا يقبل التصريح، ولكنه ظهر جلياً حين رأيت قبل فترة سائق دراجة نارية كان مستلقياً من الألم على أحد الأرصفة المقابلة لميدان السُّفن في جدة، ودراجته النارية كانت مصطدمة بإحدى اللوحات الإعلانية، حيث أنه كان مسرعاً فيما يبدو، وحدث ما حدث. وأثناء مروري بمحاذاة السائق المستلقي على الأرض، مرَّت عبر الميدان سيارة (دورية شرطة)، فأخذ الناس يشيرون إليها بالوقوف، ولكنها لم تقف! ثم مرّت من بعدها سيارة (أمن المهمِّات)، وهي الأخرى لم تتوقف! هذا لأن هذا الحادث مروري، وليس من اختصاص (دوريات الشرطة) أو (أمن المهمات)! أما حياة السائق وسلامته… رُحماكَ ربي!

وتتعدد أمثلة التملص المثير للشفقة والحِنق في ذات الوقت! خذ عندك مشكلة حرائق مرمى النفايات في جدة، والتي أخذت عدة جهات حكومية تتقاذفها ككرة ورقية من ذات المرمى! البلدية تقول أن الأفارقة المتخلفون هم سبب الحرائق، والجوازات هي المسؤولة! والجوازات تقول أن البلدية يجب أن تضع سياجاً شائكاً حول المرمى لمنع الأفارقة (الذين يعيشون فيه) من الوصول إليه، وأن على الشرطة مساعدتها في القبض عليهم! والشرطة تقول أنَّ هذه ليست مشكلتها، ومصلحة الأرصاد وحماية البيئة غاضبة، ولا تحرِّك ساكناً!

بالأمس قرأت خبراً يحكي تملصاً من نوعٍ متميّز! من نوعٍ يمس حياة قرية بأكملها، طالعتـُهُ في جريدة المدينة، حيث يقول الخبر أن هناك مواطناً رأى حيواناً غريباً في أحد القرى القريبة من الباحة، وتداول السكان هذا الخبر ووثقوه، فخافوا على أنفسهم وأطفالهم والتزموا بيوتهم، أما رُعاة الأغنام فامتنعوا عن الرَّعي خوفاً على أنفسهم، وخاطبوا على إثر ما رأوا (الدفاع المدني) ليخلصهم من هذا الحيوان الغريب الذي يفوق الكلب ضخامة وفتكاً بأي إنسانٍ يراه! تخيلوا كيف كان رد (الدفاع المدني)، (الدفاع المدني) يا عالم الذي أتى اسمه من (الدفاع عن المدنية) أي عن الناس المساكين الذين لا حول لهم ولا قوة! فقد صرح مسؤول من (الدفاع المدني) في قريتهم بأن البحث عن هذا الحيوان الغريب وقتله ليس من اختصاص (الدفاع المدني).. بل الشرطة!

لو افترضنا مجازاً أنَّ هذا شأن الشرطة واختصاصها، لا أدري ماذا سيخسر (الدفاع المدني) لو تحمل مسؤولية إبلاغ الشرطة عن هذا الحيوان، بل ومساعدتها في القضاء عليه! أليس التوجه السامي المشترك بين كل قطاعات وزارة الداخلية هو "حفظ حياة المواطن والمقيم، وحماية أعراض الناس وممتلكاتهم"؟

إن تخصيص رقم موحَّد لجميع إدارات وزارة الداخلية، وإنشاء غرفة عمليات خاصة لتوزيع المهام، سيحل جزء مهم من مشكلة التملص هذه، وسيقضي على مجهود حفظ قائمة طويلة من الأرقام المهمة والأساسية في حياة كل مواطن ومقيم. أما الجزء الآخر من حل المشكلة، فيكمُن في الإحساس الحقيقي بأهمية حياة المواطن وسلامته، وأن لا شيء أهم من مساعدته، بأي وسيلة وهيئة.

تعليقات

  1. مجهول قال:
    أبريل 17th, 2008 at 17 أبريل 2008 1:26 ص

    جهل!

    ردحذف
  2. عبدالله فيصل علي أبوالخير قال:
    سبتمبر 11th, 2008 at 11 سبتمبر 2008 11:11 م

    تملصات مكتب العمل

    يجعلون المواطن يدور على جميع الدوائر الحكومية حتى يأخذ تأشيرة عامل ليقوم بحاجته

    تملصات وزارة التجارة

    أسعار المواد الغذائية وصلت إلى أرقام فلكية والوزارة تقول على الشعب أن يغير عاداته

    ردحذف

إرسال تعليق