من مذكرات امرأة حمقاء




لا تسألوني من أنا، فاسمي أتفه ما أحمل.

سُمٌ قاتل يجري في أوردتي الحمراء يقنعني دوماً بأني أحمق من في الوجود. لا أدري لماذا أتهم نفسي بالحماقة مع أن هذا كان صبغة من أصباغ ذلك الكائن المارد (الرجل).

حياتي تسير عكس مسارات الأودية والطيور المهاجرة في كل الأمور, كل هذا بسبب (الرجل). وأمنياتي ظننتها ستخلو من عصفاته وصفعاته, ولكنه كان شبحاً يباغت كل ما أريده كأنثى.

أريد أن أجوب السماء, فأجد (الرجل) قد حط رحاله قبلي. أريد أن أمتعض وأشجب على التفاهات التي نراها, وأيضاً أجد (الرجل) قد بادر دون أي مبرر سوى أنه (رجل).

حنقي على كل (الرجال). تلك الكائنات المشوهة بأحلى تسطير للقِوَامة. أنا لا أتنكر لحظي من نظرة دينية, ولكن ذلك المخلوق العجيب سلبني كل أمنياتي, وبات يغير على ما استجد دون هوادة. إلا أني مع هذا كله لم أجد حتى الآن من يفهمني كأنثى من تلك الكائنات (الرجالية), ولم أجد حتى الآن من يمضغ ذاتي ويعلك قلبي وأنا سعيدة. كلهم من أصل واحد. يبحثون دائماً عن صولات لا تضاهيها صولات في أبناء فصيلتهم من (الرجال). يترصدون إلي بكل الأسهم البيضاء وحتى السوداء. ولم لا نضيف الحمراء؟!!, والحمراء أيضاً.

فتحت عيني على تخيلات ومفارقات جعلتني أكره حتى أبي (الرجل) وأقاربي (الرجال), بل حتى زوجي سأحتاج لقرون كي أتآلف فصيلته (الرجالية). لا أحس البتة سوى أنهم مخلوقات لها أجنحة تهوي بهم حيث يشاؤون. وأنا, وأنا الأنثى المسكينة التي تتباغت بهم في كل الملابسات والمحسوسات. حتى أحسست أني حمقاء فعلاً.

من سيقودنا يا معشر النساء ويلبي احتياجاتنا العامة والخاصة…(الرجل).
من سيباغت أجسادنا ويرميها برجولته كلما أراد وليس كما نريد نحن..(الرجل).
من سنعجب إن تحدث, ونتفعًل إن تفعًل, ونجثو آمنين في حماه ومملكته..(الرجل).
من سيتولى زمام أنوثتنا ويشعرنا أنا إناث ناقصات على الدوام..(الرجل).
من………(الرجل).
من………(الرجل).
من………(الرجل) (الرجل) (الرجل) (الرجل), ذلك الأعجوبة المستبدة, أكرهني نفسي, وأشبعني سأماً من ممتلكاته فيّ.

كنت وأنا طفلة أرسم (رجالاً) بألوان مختلفة, وأشكال مختلفة, وأجساد مختلفة. وكانت بنات ألواني لا تعترف بكينونة ما أفعل, وتطرب لأفعالي هذه وتضحك مني كثيراً. وحين تمرّدت أفكاري على ذلك المخلوق وكبرت, عرفت لماذا كانت بنات ألواني تضحك مني؛ لأن حواسها الاثني عشر كانت تعرف أن (الرجل) يساوي (الرجل), ولا مكان للألوان على طباعهم ولا للأشكال على خِلقاتهم.

أخبرتني مرة مخيلتي (الحمقاء) أن النيل من قلوب الرجال سهل هيّن. وعلَّلَتْ هذا بأنهم يتحولون إلى نجوم خفى ضوءها إذا بانت شمس الأنثى. فجربت مرة النيل من أحد تلك المخلوقات, وبادرتني أكف الزمن بصفعات ولعنات لم أسلم منها حتى الآن, لأني حاولت ترويض من كان (رجلاً) بمعنى الكلمة!!!.

في كل يوم أتأمل حسناتي الجسدية, وحسناتي الروحية بمنظور (الرجال). وأكتشف أن غباء روحى طغى على حماقة جسدي, وتفجرت عجائب الأنثى – كل هذا بعين (الرجال) – لتعمي حواس تلك المخلوقات (الرجال) بأجساد الإناث.

أمامهم، أنا لم ولن أدعي العقل, لأني أنثى, ولكني أستطيع التمييز, وبإمكاني وزن الأجساد مع الأرواح في ميزان واحد - هذا بالنسبة لمن هم من فصيلتي نحن (الإناث) – وبهذا أتمكن من اختيار إناث لهن أرواح تُعمي جمال أو بشاعة أجسادهن. ولكن المشكلة الوحيدة هي أن تلك المخلوقات (الرجالية) نبغت في كل شئ – حتى في غسل ملابسهم دون استعانة بنا أحياناً – إلا في ضبط ميزان كفتي جسد الأنثى وروحها.

سأترك الآن غبائي بأني قد استطعت استنفار أو تحريك مشاعر تلك الكائنات (الرجالية) من مكانها قدر أنملة, فهم لا يشعرون إلا اقتباساً من شعورنا, ولولا أنا وجَّهناهم لما يحبون ويكرهون, لأحبُّو عقولهم الصماء المبرمجة, وكرهوا كل ما يتعلق بمنطق القلب ونظرياته المحدّثة.

سأطفئ الآن مصباحي الأسود, وسأخلد لنوم وهمي أحلم فيه بأني سأستبد كتلك المخلوقات (الرجالية). وهيهات هيهات… ألم أقل أني حمقاء!

تعليقات

  1. مجهول قال:
    يونيو 5th, 2006 at 5 يونيو 2006 12:23 م

    ساشعل مصباحي و سأنير الكون بأنوثتي وحين اعترف بحماقتي ذلك اعتراف مسبق بذكائي لأنني سأنهض من جديد.

    داء السيطرة الرجالي المنشأ هو داء في مخيلة كل رجل يرى ان الحياه ملك له وان الهواء هو من يستحقه .دون وجود انثى تشاركه خوفا من الأختناق . أرأيتم ؟؟؟؟؟ الرجل !!

    ردحذف
  2. مجهول قال:
    يونيو 5th, 2006 at 5 يونيو 2006 12:24 م

    ” كنت هناك ” نجما مبدعا ” فافتقدتك فعلمت ” انك هنا ” فأخذني الشوق الى مايخطه قلمك ف ” كنت هنا ” وسأظل ,,

    ردحذف

إرسال تعليق