مجالسة الهادئين!


الرابط لا يستهان به بين هدوء المرء، وانعكاس ذلك على حياته ومن حوله. أخذ الأمور بشيء من الرَّوية، يروي جوانب كثيرة، ويُحسِّن ما يُنبته العقل على ضفاف الأفكار، فتنضج زوايا النظر، وتسمو الروح، لتلامس سلاماً يُعد نادرا هذه الأيام، وحكمة نفتقدها ونرغب بها.

والتصدي للأحداث برد فعل مبالغٍ فيه، يسيء أكثر مما يطيِّب، ويحدث فراغا في رحلة البحث عن أجدى قرار يُتخذ في وقتها، وإن تم اتخاذه، فلن يكون إلا بعد تردد بين أسوار الوقار التي كسرها الصَّوتُ العالي، والجموح الجنوني عن "أحسن تقويم" جُبِلنا عليه.

مأساة الشخص الهادئ، تكمن في البداية، بالتعريف بأن ردة فعله ليست لا مبالة، وليس لها صلة قرابة بالبلادة، وإن حُفّت بشئ منها أحيانا! وبعد ذلك، يحدث أن ينفر منه البعض، لأنه – أي الشخص الهادئ – لا يسبح مع التيار، فهو ليس سمكة ميِّتة، فقد لا يُعتد بأهمية حضوره في التجُّمعات، ولا يتم البحث عنه بين أكوام القش، وإن حدث هذا، فهو لحاجة أو سبب غير الأسباب المتعلقة بهاتف شخص لا يتوقف عن الرنين والتنبيهات، لكثرة من يسألون ويسلِّمون ويتوقون للقاء!

لكلٍ ميزاته وعيوبه، ولكن عن نفسي، أفضِّل مجالسة الهادئين، الذين يشتاقون بهدوء، ويبحثون عنك بهدوء، ويعذرونك بهدوء، الذين يُحدِّثونك وكأنهم يهمسون، وإن ساءهم أمر لا يغضبون، ويُشعرونك دائما أن الدنيا بخير.

تعليقات