النوم على الأفكار!



تتسابق الأفكار إلينا من كل حدبٍ؛ فمع لقاءاتنا، وحواراتنا، وقراءاتنا، لا تـُقلع سماء الأفكار عَن أرضِنا. بعضُ هذه الأفكار ينتهي به الأمر إلى ثوانٍ معدودة يختفي بعدها من ذاكرتنا، وبعضها يستمر وجوده لسنوات!

نـُمسك بزمام ما يبقى، ونـُقلبه بمناسبة، وأحياناً من غير مناسبة، ننتظر (البلوَرَة)، وأحياناً يُقال: "نـَم على الفكرة حتى تنضج". وتنام عليها، منتظراً نضوجَها، وحدك!

جيدٌ أن يدرس المرء أبعادَ الفكرة، وما نتائجُ تنفيذها بعد تفنيدها، بل يُعد هذا من حِكَم الفلسفة الإغريقية التأملية، ولكن هل ستتأمل – إلى جانب تأملاتك – وضعنا الحضاري إن استمرَّت الفلسفة الإغريقية التأملية إلى الآن، ولم يأتِ أرسطو، رائد المدرسة التجريبية، وصاحب الفضل الأول في دراستنا اليوم للعلوم الطبيعية، والفيزياء الحديثة؟

إنها التجربة! أساس الحُكم على الأفكار، حتى قبل أن تـُفنـَّد! سيُقال: "هل ستتسرع بتجربة الفكرة قبل أن تفكر فيها؟" نـَعم! فنحن نجرِّب كل فكرة كل يوم! نـُجرِّبها فرضياً في عقولنا، ونتحقق من النتائج، ونعيد تجربتها بعد تغييرات كبيرة أو طفيفة على عناصرها، ونعود لنتحقق، عِدة مرَّات!

إلى متى؟ إلى أن تكون شجاعاً لتـُخاطِر، وتـُجري التجربة فعلياً خارج عالمك الافتراضي، عندها ستنجَح لا محالة، ستنجَح لنجاح الفكرة وتجربتها، أو ستنجَح لأنك أصبحت شـُجاعاً، لأنك لم تعد تبني أحكامك على التجارب الافتراضية وحسب!

خطوة واحدة من خطوات إجراء تجربة فكرة ما فعلياً، أنبل وأفضل من ألف تجربة تجريها – لذات الفكرة – افتراضياً في عقلك. وهنا الفرق الحقيقي بين النجاح الفعلي، والنوم العميق على الأفكار، منتظراً نـُضوجها في يومٍ ما، قبل أن تتعفن تحتك!

تعليقات

  1. أفكارنا يا محمد كالثمار إن لم تقطف في موسم الحصاد تموت !

    سلطان رده

    ردحذف

إرسال تعليق