بدل السَّكن


لا أنسى كمية الماكياج التي وضعتها أمانة جدة على وجه العروس بعد كارثة السيول الثانية، عندما كنتُ في ديسمبر الماضي بجدة، وذلك لأن النائب الثاني أراد زيارة تلك المناطق المنكوبة بعد أيام من وقوع الكارثة.

تذكرت هذا عمداً، ومع سبق الإصرار، حين عرفت أن مجلس الشورى سيناقش اليوم مشروع قانون صرف "بدل سكن" لموظفي الدولة بالسعودية يبلغ 3 أضعاف الراتب. 

بعض أنواع البدلات لا تختلف كثيراً عن الماكياج، حل مؤقت لمشكلة مزمنة؛ وكذا الحال مع بدل "غلاء المعيشة" الذي صرفتهُ الدولة لـ "موظفي الدولة"، والذي تمنيت وقتها أن يُصرف على دعم المواد الاستهلاكية والرقابة بدلاً من أن يضيع بين فلجات أسنان التجار الذين ما صدقوا أن يأتي، ليبادروه بالتقبيل، ويباشروه برفع الأسعار.

وبما أن مجلس الشورى أعزه الله سيُناقش صرف "بدل السكن"، أنا أقترح عليه بالمرة أن يناقش بدل "بهدلة خطوط سعودية"، وبدل "ازدحام مروري"، وبدل "عدم قيادة المرأة للسيارة"، وبدل "فساد إداري"، وبدل "صرف صحي"، وبدل "احتكار إعلام وخدمات"، وبدل "كل مشاكلك في الحياة"، ونرتاح من دوشة مناقشة وطرح هذه القضايا ليل نهار، فينام المسؤولين ملء أعينهم، و"موظفي الدولة" ملء بطونهم، وهكذا.. نحل أي مشكلة تواجهنا بصفعها بالبدل بما أنَّ دولتنا غنية، وموظفيها يستاهلون.

عدد "موظفي الدولة" بحسب الإحصائية التي وجدتها 1.4 مليون شخص تقريباً، بمعدل رواتب يصل إلى 10 آلاف ريال شهرياً. وإذا افترضنا أن الراتب الأساسي 6000 ريال، فسيكون مجموع ما ستصرفه الدولة على "بدل السكن" سنوياً إذا قررت ذلك 25.2 مليار ريال.

هل تخيلتم كم مدينة سكنية يستطيع هذا المبلغ أن يبني لنا خلال سنة، أو 5 سنوات على الأكثر، ليحل مشكلة السكن من جذورها - حتى أطرافها -  لـ "موظفي الدولة"، ولموظفي "غير الدولة"، وربما لنا أيضاً نحن السعوديين في المقيمين خارج المملكة؟

معظم المشاكل تُحل بالمال، ولكن ليس بالمال وحده، بل به مقروناً بحُسن إدارته.

تعليقات

  1. حُسن إدارة !

    أها .. قلت حُسن إدارة إذن ..
    مفهوم الإدارة في أعلى الهرم هُنا يمكننا تلخيصه في كلمة واحدة أو أثنتين ( مكرمة طويل العمر ! ) التي مللناها, هكذا يعتقدون أنهم سيديرون البلاد !

    ردحذف

إرسال تعليق