هـَتون والقطـّة البيضاء



في 12 سبتمبر 2006 الساعة: 09:01 ص



تقول الكاتبة والمؤرخة السعودية هتون الفاسي في إحدى مقالاتها مؤخراً أنها سمعت عن الشعب السعودي حبّه للتذمر والاستياء القهري من البيت ومن العمل ومن الحياة. حسناً! الحكم مجازاً يصحّ أن نطلقه هنا على قاطبة العرب. التذمّر سمة لولاء الشعب العربي لإنسانيته وانتمائه اللا مقصود. بل حتى حكومات الشعوب العربية متذمرة من شعوبها، إذن التذمر هنا علاقة متبادلة دواماً للمصلحة. وكانت هذه الحكومات تتمنى لو أن لها شعب كتلك الدولة الأوربية، أو العربية المتقدّمة (قليلاً) حتى. ولكن التذمر هنا يقتصر على الحكومات العربية التي لها شعوباً اشتهرت بالصوت العالي، وتفجير الظلم، والذود عن حق كل فرد، ومن هنا، فهناك حكومات عربية أنعم عليها ربي بشعب غاية في الوداعة والألفة. إنه يشبه القطة البيضاء التي فازت في مسابقة أجمل قطة في العالم. تذمر هذا الشعب واضح بكل المقاييس حتى عندما تراه يغلق باب سيارته ليصل بأولاده إلى مدارسهم، ولكنه إجمالاً ساكت. إن سألته عن رأيه في رؤسائه، وهل يفضّل أحدهم دون سواه لفزّ وسيبدأ معك بخوض حديث كبالونة نفّست عن ضغط رهيب كان بداخلها، وستظهر له أنياب، وسيتحول كل جزء في جسده إلى فم مليء بالأدلة على جور حكامه، ولكنه ما إن يلمح سيارة شرطة على بعد شارع ورصيف، إلا، ودون مقدمات تراه يتصاغر ويغوص إلى ذاته ويقرمشُ أنيابه وفي لحظة يعود إلى التشبه بصديقتنا القطة البيضاء.



وجد البعض من واقع الأحداث الحالية فرصة عظيمة للإدلاء ببعض تذمره تحت ستار زحمة الحديث وتعالي الأصوات. فنسبة الولاء للحكومات العربية تعد ضئيلة للغاية إذا ما قورنت بطريقة غرس هذه الحكومات لهذا الولاء. فالتعامل مع الناس ينطلق دائماً من بؤرة ما يعرف تقريباً بالتبادل البنكي. طريقة الرصيد والإيداع والسحب. إن أودعت في ذات شخص مجاملة أو عرفاناً، ستستطيع في يوم من الأيام سحب بسمة منه أو خدمة لأنك تملك رصيداً في حسابك لديه. إذاً إن لم يكن لك رصيد في نفس أحدهم، فلا تنتظر أن يجزل لك العطاء أو أن يدينك ببسمة سيستلها من شوك شفتيه. المثال واضح ويومي، وهكذا حال التعامل من الحكومات العربية. إن لم يكن لها رصيد في نفوس شعوبها، فأنى لها بالولاء الصادق، والحديث الطيب بملء الفيه؟



صدقت بنت الفاسي حين قالت عن السعوديين العرب ما قالت، وصدق العرب حين تذمروا حتى من أنفسهم!

تعليقات

  1. د.ريان جمال قال:
    سبتمبر 16th, 2006 at 16 سبتمبر 2006 12:03 م

    لا أظنها قالت إنها قد سمعت فقط مجرد سماع، بل أعتقد أنه استنتاج جازم ويقيني..

    العرب وكثير من الشعوب التي جمعت بين الذل والكسل.. لا بد أن تلبس ثوب التذمر، وإلا فمن يتحمل مسؤولية الذل؟ الكسلان لا يحب ولا يجب أن يتحمل مسؤولية أي شيء..

    إلا إذا شاء ربي شيئاً، وسع ربي كل شيء علما.

    ربما نرى اليوم الذي تعود للعرب فيه راية وغاية..

    ودمت ودام لنا ولك قلمك المبدع..

    ردحذف
  2. مجهول قال:
    ديسمبر 7th, 2006 at 7 ديسمبر 2006 5:12 م

    اعجب منكم ايها العرب ؟؟؟؟؟؟؟

    الذل لا تمنحه الحكومات ……. والكسل لا تمنحه الحكومات ………..

    الحكومات جزء من الشعب فجميع العاملين من ابناء الشعب ؟؟؟؟

    الفساد في كل الدنيا حتى في بلاد الكويبوي ………. ولكن نحن لا نميز او لا نريد ان نميز

    باننا بشر نصيب ونخطي وحكوماتنا منا ونحن منهم.

    عاشت بلادنا وعاش ال سعود وعاش شعب المملكه العربيه السعوديه .

    ويسقط كل من يهذي بان يكون كاملا لانه بشر يصيب ويخطي .

    ردحذف

إرسال تعليق