الإساءة المُزدَوَجة



في 16 سبتمبر 2006 الساعة: 14:38 م

تابعتُ بصمتٍ وترقـّبٍ حملة "بريدك لبابك" التي أطلقتها مؤسسة البريد السعودي فور خصخصتها، والتي أراهن أنها كلفتها ملايين الريالات لإنجاحها، وقد بدأتها بشعار فنـّيٍّ راقني كثيراً، وهوَ "عنوان بدون لف ودوران".

إني لأشكر الجهود المبذولة، بدءاً بالحملة الإعلانية الضخمة، ومروراً بتوظيف آلاف الشباب السعودي، وتعريجاً على الصناديق البريدية التي نصّبوها مشكورين على كل عمارة وبيتٍ في مدن المملكة الرئيسة، وانتهاءاً باستمرار الحملة التي كانت قد بدأت منذ 6 أشهر تقريباً.

بخلافِ شعوب الدول المتقدمة وبعض الدول النامية وأهمّها مصر التي اعتادت على وصول البريد إلى باب البيت منذ عشرات العقود، لم تتأمّل المؤسسة جيّداً في دراستها حالَ افراد الشعب السعودي - المغلوب على أمره - الذي (تعوّد) على أن يذهب مرّاتٍ خلال الأسبوع إلى المراكز البريدية، التي لا تعرف أي شيء عن أن اختيار الموقع الاستراتيجي أساس نجاح المتجر؛ لأنها تعلم أن هناك من سيشترك مُجبراً بمبلغ يقارب المائة دولار سنوياً ليستلم فواتير الخدماتضبط كامل ورسائل البنوك وبضعة رسائل خاصة أو أنه سيحذو حذوَ معظم العوائل السعودية التي تخصّص صندوقاً بريدياً واحداً لعشرات الأفراد.

وغابَ عن دراسة المؤسسة أن الشعب السعودي يُعد من أكثر الأمم شراسة مع تقبّل التجديد بنسبة تتجاوز 80% بحسبَ الدراسات الإعلانية المعلنة، فكيفَ بها تتوقع منه أن يقبل أمراً قديماً تعدّه هيَ جديداً؟ عذراً يا مؤسسة، فأنتِ أسأتِ الظن بعقول أفراد الشعب السعودي بازدواجية محكمة! فأنتِ أثرتِ ثائرة التقليديين الـ 80% بأنكِ استخفـّيتِ بهم وظننتِ أنكِ أتيتِ بشيء جديد، وأسأت أكثر إلى المتفتـّحين التجديديّين الـ 20% الذين نسوا – بالفعل – إلى ماذا يرمز اختصار (ص.ب.) لأنهم يستخدمون البريد الإلكتروني والإنترنت في استلام رسائلهم وتقارير البنوك وتسديد فواتير الخدمات ومراسلة الأفراد والجماعات في دقائق معدودة.

أليسَ الأولى، بدلاً من أن تصرف الحكومة تلك الملايين العِظام على هذا المشروع العتيق / الحديث، أن تـُهدي الأسر السعودية أجهزة كمبيوتر أو أن تعلّمهم بالمجان كيفية استخدام الإنترنت استخداماً مفيداً أو أن تهبها لخزانة وزارة التقنية المرتقبة أو أن تسرّع بها دفـّة تحوّلها إلى حكومة إلكترونية؟

تساؤلاتي لن أنتظر عليها إجابة.. ولكني سأنتظر – بشغفٍ – المشروع الذي سَيَلي ثبوت الفشل الذريع لـ(بريدك لباب بيتك)، والذي بدأ بأن معظم الصناديق البريدية الجديدة التي خـُصصت لهذا المشروع… قد حُطـِّمَت بعد ساعاتٍ مِن تنصيبها.

تعليقات

  1. مجهول قال:
    سبتمبر 16th, 2006 at 16 سبتمبر 2006 4:12 م

    أدعوكم للمشاركة بأرائكم في قضايا ساخنة للنقاش، عبر مونة maktoobblog.com/naja7.

    ولكم جزيل الشكر

    ردحذف
  2. البريئة قال:
    سبتمبر 17th, 2006 at 17 سبتمبر 2006 9:42 م

    شكرا أخي الكريم على هذه اللفتة المهمة ,بالفعل أغلب المنازل التي رأيتها كانت محطمة الصناديق ,وكأن لسان حالها يقول:انقذوني من عبث العابثين. بالفعل نحن في حاجة ماسة لأن توفر حكومتنا الرشيدة أجهزة الحاسب الآلي لكل أسرة سعودية ,خصوصا وأنها أصبحت من الضروريات حتى لطفل ما قبل المرحلة الابتدائية,أتمنى من المعنيين دراسة هذا الموضوع بجدية.

    تحياتي البريئة

    ردحذف
  3. مجهول قال:
    سبتمبر 18th, 2006 at 18 سبتمبر 2006 12:49 م

    وجهة نظر حكيمة بأسلوب مميز. اتمنى لك التوفيق.

    ردحذف
  4. بندر الجالي قال:
    ديسمبر 8th, 2006 at 8 ديسمبر 2006 11:29 م

    ماحطو عندنا صندوق

    ولا حطو عند جارنا

    ولا حطو عند ناصر المصري

    ولا حطو عند شقق العزاب

    شكلهم باعوها في سوق الحرامية

    ردحذف

إرسال تعليق