البَحثُ عن الفضيلة



إني لأجد أن أجدى تشبيه للمشاكل التي تحدث من حولنا، والحياة، بأن الحياة خطٌ مستقيم، والمشاكل هيَ الخط المتعرّج الذي يبتعد عن الحياة أحياناً ويقترب حتى المساس أحياناً، فليس هناك إيقاعٌ ولا ترنيمة، هكذا هي الأقدار، وهكذا هيَ الحياة.

وهنا يأتي دور الإنسان الحكيم، هذا الأعجوبة الإلهية، ليبتكر الحلول عبر النظر إلى هذا الخط المتعرّج من كل الجهات والزوايا، وعن طيب خاطر سيقرّ أن ما يحدث بين خطّ حياته المستقيم وتعرّجات خط المنغصّات والكربات، ما هوَ إلى كضرب الموج على حجارة شاطئ ساكن حليم، شاطئ يوقن أن كل ضربة، سيعقبها تراجعٌ له نغمات مميّزة، وزبدٌ فقاعي يرسم هدوء ما بعد الحرب. وبتجرّدٍ تامٍ يأتي هنا حِس الفضيلة، فضيلة التسليم بأنّ كل عودٍ مليء بالأشواك سينتهي بوردة حمراء بهية أو أن كل سطوع لشمس الرّمض سيتخلله ظلٌ نسائمه حانية باردة هنية أو أن كل شخص سيء قابلنه في حياتنا لا بُد وأن وراء اكتشافنا لسوئِهِ عوالمٌ من العِظات والحكم الإلهية.

لا لنجزع! فالبحث عَن الفضيلة بحد ذاته فضيلة. فالحُب فضيلة، والابتسام فضيلة، وتفهّم الأعذار واختلاقها لمَن نعزّ فضلية، وتجنب المراء والكذب والغيبة فضيلة… وكذلك أن نُمعن في تأمّل الخير في أهلينا وأصدقائنا وأحبائنا وحكوماتنا، فنبتسم ونحمد الله، هوَ أيضاً فضيلة.

لنتخطّ الجِزاف في إطلاق التكهّنات أو التفسيرات! فليسَ هناكَ من هوَ سيء الحظ، ولا المنحوس، ولا التعيس! فالتي لا يحبها زوجها كثيراً هيَ أهون من التي لا يغار عليها، والتي لا يغار عليها أحسن من التي يُهملها زوجها أو مِن التي يخونها، والتي يخونها هيَ أربى حظاً من التي يلمّ عليها أقرانه ليعاشروها أمام عينيه!

لنبتعد قليلاً عن أنفسنا، ولنتفكر بمن حولنا، بالحيوانات (والجمادات إن أمكن)، ولننظر للأمور بطرق مختلفة، بطرقٍ نمزجها ببحثنا المضني عن الفضيلة، ولنتوّج كل أفعالنا بنوايا العبادة أو الذريعة للعبادة حتى نؤجر. وإذا انتهى بنا المطاف وشعرنا لوهلة أن كل الأبواب قد أوصدت (مع أن هذا مستحيل)، لننتهج المنهج الأسمى بالتعلق بتذكر بأنا في دار ممر، وأنا الآخرة هيَ المستقر. والحقيقة أن لا أرقى وأحلا من أن نضع هذا النهج نصب أعيننا في كل معاملاتنا وقضايانا، وسنلمس نتائجه المريحة والمُسعدة حتماً أولاً بأوّل.

لا مشكلة تستحق عناء الغضب والحنق والبكاء أبداً! فالمشاكل التي لها حل، كيف نبكي من أجلها ولها حل؟ والمشاكل التي ليس لها حل، كيف نبكي من أجل حلّها وليس لها حل أصلاً؟!

الحياة – يا أصدقائي – أجمل مما تتخيّلون!
ولكن حين نعرف كيف نتجاهل أخطاء غيرنا، ونحسن التعامل مع أنفسنا، ونغرق حتى الثمالة في ما يُسعدنا ويبهجنا، ونلغي كل تجربة ماضية قد تعكّر غدنا، ونقترب من ربنا حق التقرّب ونرتجي جنته بكل جوانحنا وجوارحنا ونيّاتنا.

تعليقات

  1. مجهول قال:
    يونيو 5th, 2006 at 5 يونيو 2006 11:46 ص

    يكفينا أن الحياة خلقها رب الحياة حتى نحبها.لنتعاهد يا إخوتي في الله على العيش بمسلّمة((لعله خير))…
    دائماً أقول :لولا المشاكل لما عرفنا معنى السعادة.ولولا الهموم لما تذوقنا حلاوة التذلل والخضوع لفارج الهموم والكروب..
    نعم قد نضعف أحيانا أمام لهيب الصراعات الدنيوية- فنحن بشر - ولكن المهم أن نعود لأنفسنا حاملين الأمل لحاضر وغد أفضل..
    (((قد يتحول كل شيء ضدك ويبقى الله معك,فكن مع الله يكن كل شيء معك))).
    الحيـــــــــــــــــــــاة ستكــــــــــــــــون أجمـــــــــــــــــل ممــــــــــــــا نتـــــــــــوقع

    ردحذف

إرسال تعليق