الفـَساد والاستبداد… أيّهما أبُ الآخر؟



2006/يونيو/7:
إن المتأمّل لزخم الفساد المحيطِ بنا من كل جانب، والذي يضرب شواطئ عفتنا وإنسانيّتنا دون إيقاعٍ معيّن يُعلمنا كيف ومتى نتقيه، يتأكّد من أن أرباب هذا الفساد هم المستبدين الذين لا يراعون إلاً ولا ذمة، ولا تحكم تصرّفاتهم الداجنة أو سجيّاتهم العكرة أية قوانين دينية صائبة أو بشرية سائغة.


ما دفعني إلى هذا التأمل هوَ سؤال أثملَ عقلي وطغى على خلدي! هل الفسادُ هوَ ما يقود إلى الاستبداد؟ أم أن الاستبداد هوَ أساس الفساد؟ الفاسدُ عادة مستبد! والمستبدّ لا محالة أن يُفسد! فما الذي يُسبب الآخر، وما الذي ينتج عن الآخر؟ قال الفيلسوف السوري عبد الرحمن الكواكبي منذ أكثر من مئة عام أن "الاستبداد أصل كل فساد؛ إذ يضغط على العقل فيفسده، ويلعب بالدين فيفسده، ويغالب المجد فيفسده، ويقيم مكانه التمجد".

طيّب!
ماذا لو كنتُ رخوَ الشخصية ضعيفها، وبي أنوية للفساد، هل سأمارس الفساد ويتولّد إثر ذلك الاستبداد؟! الإجابة التي تقابل الفلسفة التي قالها الكواكبي هيَ: نعم. هناكَ توازنٌ غير ضيِّزٍ بين أن أكون فاسداً فأستبد، أو أن أكون مستبداً فأعثو بين الأحياء بالفساد. القادة في العِراق يستبدّون الآن بعد أن كانوا فـُسّاداً! وكذلك في كلّ بستانٌ يطاله "البلدوزر" الأمريكي!

وكذلك الفسادُ في قطبيّ السلطة في فلسطين: حماس وفتح، استحالَ استبداداً يود بمقتضاه كل منهما تهميش دور الآخر، وذلك على حِساب أمة بأسرها!

الأمثلة لا تنحصر على الساسة؛ فكذلك الابن الفاسد المنطوي على ذاته الذي يستبدّ كل الاستبداد حين يسافر ربّ الأسرة أو يغيب.

خلاصة القول أنّ: كل فسادٍ أصله استبداد، وكل استبداد أساسه فساد، فهجوم الإصلاح يجب أن يجتذ هاتين الخلتين من قلوب المُبتـَلين، قبل أن نقرر أن نتحرر مِن قيود الدونية…

وسلامي على أحلامي!

تعليقات

  1. مجهول قال:
    يونيو 13th, 2006 at 13 يونيو 2006 9:21 م

    مرحبا،،

    مبروك الانتقال الى هنا ،، دمت مبدعا هنا وهناك ،،،

    كل فسادٍ أصله استبداد، وكل استبداد أساسه فساد، فهجوم الإصلاح يجب أن يجتذ هاتين الخلتين من قلوب المُبتـَلين، قبل أن نقرر أن نتحرر مِن قيود الدونية…
    :)

    خالص التحايا ،،،

    ردحذف

إرسال تعليق