الرَّسولة

- مساء الخير.

- مساء النور.. أهلاً.

- دكتور أحمد، كيف حالك؟

- الحمد لله.. وأنتِ كيف حالك؟

- طيبة. دكتور.. في الحقيقة إن المشكلة المذكورة في ملفي ليست مشكلة!.. وبصراحة أنا لستُ مريضة ولا مكتئبة حتى ألجأ لدكتور نفساني، كل ما في الأمر أني أريد أن أستشيرك.

- آه.. طيب! تفضلي هناك على الأريكة.

د- كتور.. لا تفهم مشكلتي خطأ أرجوك. أنا لدي أسبابي حين أخون زوجي.

- كل سلوك بشري يا لينا له دوافعه.. هل تشربي شيئاً؟

- لا شكراً.. هل أستطيع أن أدخن؟

- نعم. خذي راحتك. لم تشرحي لي دوافعك ما هي؟

- طيب. سأبدأ من البداية. زوجي يا دكتور كذب علي كذبة العمر حين تزوجني. قال أنه لم يفعلها من قبلُ مع امرأةٍ سواي. اكتشفت أنه كذب علي بالمصادفة حين تعرّفتُ إلى صديقة خطيبته السابقة. تخيل يا دكتور أني عرفتُ بكذبته هذه من أيام خطوبتنا، وكنت أحبه أكثر مما تتخيل، والحقيقة أني لازلت أعشقه، ولكني كتمتُ سرّ كذبته ٦ سنوات، يعني للآن. هل تتصور يا دكتور أن لا أحد في الكون يعرف أني أعرف أنه مارس الجنس مع خطيبته التي قبلي، ولأني أحبه لم أواجهه. لا أريده أن يشعر بالذنب لأنه كذب علي.

- طيب. كيف هي حياتكِ معه الآن؟

- رائعة! بل رائعة لدرجة الخيال.

- يعني أنه عوضك ويعوضك عن كذبته يا لينا. من منا لم يكذب؟ ولكن قليلون هم الذين يعتذرون.

- أحمد لم يعترف لي بالحقيقة حتى يعتذر. زوجي أحمد. اسمه أحمد.

- ربما أحمد من الذين يعتذرون بالأفعال لا بالأقوال يا لينا. وهؤلاء الناس هم أشد الخطائين اعتذاراً، فالاعتذار القولي يقال مرة واحدة، ويرتاح الضمير وينتهي كل شيء، أما الاعتذار بالأفعال فلا ينتهي مادام صاحب الضمير حياً.

- دكتور! أنا أريده أن يعترف. ولأنه لم يعترف للآن، استبحت لنفسي خيانته بعذر أنه خانني بأكذوبته.

- كيف خنتيه؟

- أصبحت عشيقة رِجَالَ آخرين.

- وتحبين أحمد؟

- أعشقه.

- وأنت عشيقة لرجال غير أحمد؟

- نعم.. ولا أشعر بالذنب. لأن أحمد كذب علي.

- لينا.. أنت مخطئة. هل ترضين أن يُفعل بكِ ما تفعلينه بأحمد؟

- أعرف. أنا لا أتحمل أن يخونني أحمد، سأموت. ولكني أخونه. أحمد ليس له العذر.

- وأنتِ؟ هل لكِ…

- دكتور. أخبرتك!

- طيب. لينا.. أزمتك كبيرة، لأنك تعرفين مشكلتك ولا تريدين حلها.

- أنا لا أبحث عن حل! أنا أريد استشارتك في الطريقة التي أجعل بها أحمد يعترف من خلالها بفعلته، وبالتالي أتوقف أنا عن خيانته.

- هل تتلذذين بخيانته؟

- أحياناً. أتلذذ حين أتذكر أنه يستحق أن أخونه لأنه كذب علي، وأشمئز من نفسي حين أتذكر حبه وحنانه.

- طيب. لنـُرَتـِبها! ولكن قبلها أريد أن أعرف. هل كذب عليك أحمد من بعد تلك الكذبة؟ يعني منذ أيام خطوبتكما إلى الآن؟

- لا.

- لينا.. اسمحيلي! يجب عليك أن تتوقفي الآن عن ممارساتك وتغفري له. إنه يعوض عليكِ منذ ذلك الحين إلى اليوم، وأنت لم تفهميه. أحمد لم يكذب عليك سوى مرة واحدة، ولكنه أحسن ويُحسن إليك مرات ومرات ومرات، وأنت تصرين على أن يعتذر لتصفحي عنه؟ هذا كثيرٌ يا لينا.. وكثيرٌ جداً على أن تخونيه بهذه الطريقة، وتسيئي إلى نفسك وتمارسي الحرام دون سبب منطقي!

- دكتور! ولكن هناك ما يدفعني بقوة للانتقام من تلك الكذبة!

- هذا الشيطان يا لينا، الشيطان. قاوميه بالتقرب من الله وتذكر فضائل وحب أحمد. واحمدي الله على أن أحمد لم يعرف بخياناتك له، واستدركي حياتك وادفني الماضي وانتهي عن أفعالك قبل أن تندمي على خسارة أحمد بالفعل. فنحن الرجال لا نتحمل الخيانة ولا نستوعب مبرراتها مهما كانت.

- يعني لو افتضح أمر خيانتي - يا دكتور - عنده، ألَن يقتنع بدوافعي؟

- والله لا أستطيع الحُكم! فهذا يعتمد على شخصيته.

- ولو كنتَ مكانه، ماذا ستفعل؟

- سأغفر بشرط الوعد القاطع بالوفاء والإخلاص، ونسيان ما صار ومحوه من ذاكرتي وذاكرة زوجتي تماماً، وإلا سأقرر الطلاق دون رجعة.

- ليت كل الرجال مثلك، يا دكتور أحمد!

- لماذا؟ هل عرفَ زوجكِ أحمد؟

- لا! ولكني رسولة زوجتك.

تعليقات

  1. مجهول قال:
    يونيو 5th, 2006 at 5 يونيو 2006 11:54 ص

    ليت كل الرجال مثلك، يا دكتور أحمد!

    لماذا؟ هل عرفَ زوجكِ أحمد؟

    لا! ولكني رسولة زوجتك.

    رائع

    ردحذف

إرسال تعليق