أحداثٌ بانورامية

في شهر أغسطس من عام 2003 كنا على موعدٍ مع تدشين إذاعة جديدة إلى جانب المدللة إم بي سي – إف إم، كان اسمها: إذاعة إم بي سي. وكانت بدايتها تتحدث عن إذاعة زاخرة بالأخبار والبرامج الوثائقية الإذاعية طوال اليوم، وحين يرخي الليل أستاره، تبدأ روائع الطرب الأصيل بمجموعاتٍ جميلة من أغاني أم كلثوم وعبد الحليم حتى شروق شمس اليوم التالي.

وبَعدها، بدأت ذات الإذاعة تأخذ منحىً آخر من خلال الزج ببعض البرامج الحية الهادفة، ونقل البعض الآخر من إم بي سي – إف إم إليها، فكانت النتيجة القضاء على البرامج الوثائقية والعلمية، وهيمنة البرامج الحية والأخبار على الإذاعة.

ثم استحدثت الإذاعة اسم: بانوراما، وألحقته بتغيير شبه جذريّ في برامجها كماً وموضوعاً، إلى جانب السماح ببعض الأغاني الطربية بالظهور على أثير الإذاعة بين البرامج، واتخذت لها شعاراً يقول: آخر الأخبار، وأجمل أغاني الطرب الأصيل.

والآن، وبعد سنة ونيف، كلنا سمع ولمس التغيّر الحرفي كماً وموضوعاً في الإذاعة. فبينما نحن نلاحق التغييرات السابقة ونستوعبها، تفاجئنا إذاعة "بانوراما" بالتحوّل الملحوظ إلى أن تكون نسخة مُقلّدة من إم بي سي – إف إم، إلا أن الفرق الوحيد – أكرر الوحيد – هوَ أنها احتكرت الأغاني العربية، وجعل الأغاني الخليجية من نصيب أختها الكبيرة إم بي سي – إف إم.

ويقولون لم تتغير "بانوراما" ولكنها: اتطوّرت!

بعد هذه السلسة المتقطّعة والمختلفة تماماً من التغييرات المتلاحقة، إني أتساءل: هل ما يحدث يدل على رجاحة عقول القائمين على الإذاعة؟ وهل نحن كنا بحاجة إلى نسخة أخرى من إم بي سي – إف إم حتى يحدث التغيير الأخير؟

الذي أعرفه أن مشروع تأسيس أي قناة إذاعية يحتاج إلى دراساتٍ واستطلاعات واثقة وعقلانية، قبل أن ندشن إذاعة ونحن لا ندري ماذا نفعل، وأي مسلك نسلك.

فنجعل من المستمع فأراً لتجاربنا، نغيّر عليه، ونستخف بحسن متابعته وإصغائه، ونقول له في النهاية: نحن تطوّرنا!

والسؤال الذي يموجُ في عقلي الآن: خلال سنة ونصف من التذبذبات والتغييرات، هل "بانوراما" بحاجة إلى التطوير ونحن للآن لم نستوعب الخلل والتلعثم الحاصل فيها؟ أم أنها بحاجة للعودة إلى سابق بداياتها، والتنحي عن منافسة أختها إم بي سي – إف إم، والتميّز في تطبيق شعارها القديم: آفاقٌ أوسع؟!

تعليقات