زمنُ التذاؤب



لا مُبرر لبحث البشر عن الولاء, والرحمة والطُهر والصفاء، إلا لأنا بطبيعتنا بشر، إن تذاءبنا أو توارينا أو جارينا, نعود رغماً إلى جنس البشر.

تجاربنا الذاتية قد تكون مقياس, وأخطاءُ من حولنا هي دائماً القياس. نتبرّأ من رغبة جامحة, إن أرهبتنا تجربة مرت, والفرصة سانحة، ولكن الحذر من إحباط فجيعة الهبوط هو الأساس. لا أنكر أن القلوب تغيرت, وأن زمان الوفاء الأعمى ولّى, والزهد بالقليل على الكثير تجلّى، لأن المادة طغت, واليد العليا علَت، فأمواج بحورنا تحيَّرت.

فالغابة التي ندعيها, ما هي إلا أنفس نشتريها, وقلوب رؤومة نحتويها. آكلات الأعشاب في غابتنا لا تعيش، تستيقظ على عواء الذئاب, وتنام خرماء غدراً أو شرماء وعداً أو ربما طيوراً دون ريش.

هذا ما صورناه لأنفسنا البيضاء، فالواحد منا في مرآة نفسه هو ملائكة السماء. أنا حاشا أن أغدر, وحاشا أن أسرق، بل حاشا وألف حاشا أن أمزج الدم بالماء. هذا ما نقوله عن ذواتنا المعصومة. نعم, هي في أعيننا بالخير مرحومة, وعن الشر والتذائب تفصلها بحار ووديان مرسومة.

إذنْ.. من سيد الغاب؟ ومن لا يتكلف الحسنى لرب الأرباب؟
إذا كلنا لا يخطئ, من منا هم الذئاب؟
ومن لنا نحن ذوات الأعشاب؟
لماذا نتشدّق قانون الغلبة؟
ولماذا نصف ما نحياه بالحلبة؟

تخوضب الجميع بعيوب تجربة أو حكايتين، ونسينا أن الخير يُحتذى ونهارنا ليس به شمسين. فطرتنا تقتضي التجربة قبل التغيير, وبين الخير والشر هناك تخيير. إذن لماذا تسْوَدُّ حياتنا إن انبثق الشر عن أملِ الخير؟ ونرجو دائماً الإعجاب والرضا من حولنا ومن الغير؟

نحن لسنا في الجنة، ولولا سواد القلوب فمن سنتصيده ليهبنا المِنـَّة؟ لن نفرق بين الصلاح والطلاح إن عشنا دون الطلاح، وما فائدة دروع العقل دون انهمال الرماح. فالزهد بقليل الصواب أرجح, والانغضاضُ عن أفعال الذئاب للسعادة أمْنـَحْ.

تخيروا أي فكرة ستتقبلوا…
فأنتم عن أخطاء الغير لن تـُسألوا.

تعليقات

  1. مجهول قال:
    يونيو 5th, 2006 at 5 يونيو 2006 12:15 م

    نحن لسنا في الجنة، ،،،،، ولسنا ملائكة الرحمة،،

    ردحذف

إرسال تعليق