المرور عبر برزخ!


كلما أمعنتُ في عالم التسويق، وتوغـَّلتُ في مصطلحاته الجافة، وحقائقه الجامدة، وسماتِهِ المهنية ومفاهيمه المنطقية جداً؛ أيقنتُ أن هذا العالم يعامِل المنشأة كسفينة في سباقِ العُمر، تواجه أثناءه أعتى العواصف وأرعدها، وحلول المجاوزة معلومة مفهومة، ولكنها تحتاجُ لحس إبداعي، وقارئ لما بين السطور، ولمِّاحٍ كيِّس، كي يعبر بها مُسابقاً كل السفن المُنافِسة إلى ما لا نهاية، محافظاً على رُتبة الأول حتى الأزل!

ورغم القراءات البسيطة في هذا العالم، وحيازة أساسٍ صلبٍ في جزء منه يُعنى بالإبداع الإعلاني، إلا أنَّ قوة العاصفة، وشدة بأس الأمواج العاتية، يلغي أيَّ توجُّه مُبتذل أو مُسلمٍ به، ويأخذ المرء بسرعة خاطفة للغوص بعمقٍ، والتفكير في كل اتجاه، مستلهماً كل التفاصيل، حتى يجد الطريق إلى النجاة، والفوز بسباق السُّفن الموهِن.

هذا الفرقُ في العمل من خلف الكواليس في عالم إبداعي بحت، يختص بالدعاية والإعلان، ثم الانطلاق دون مقدِّمات إلى عالم التسويق، يخلقُ خلخلة المرور عبر برزخٍ لا وجود له إلا في الشعور، وهذا الانطلاق لا يتم بسلامٍ ما لم يُواجَه بالعلم والجُرءة والدِّقة.

وحتى تنقضي هذه الفترة البرزخية، أتمنى أن لا ينفجر رأسي، ملطِّخاً كل مَن حولي!

تعليقات