لعنة القنوات الإخبارية!


كنا نتناول الأحداث بعد تناولها لنا! تفطر بنا ونتغدى بها! كانت المصادر محدودة، ومرتبطة جداً بعامل الوقت؛ نشرة الأخبار في التلفزيون المحلي، والصحيفة، والراديو؛ كلها وسائل تقليدية متعلقة بالوقت، لا تعترف بالأخبار العاجلة، ولا البث المباشر الاستثنائي، إلا فيما ندر.

ثم بدأت صرعة التناول المباشر للأخبار بانطلاق القنوات الإخبارية، فرِحنا، فالتخصص يُنبئ بالإبداع، هذا ما تعلمناه، وتقدَّم به العالم!

بقينا سعداء بـ "الجزيرة" ثم "العربية" ثم "بي بي سي العربية"، فبقية الرَّكب، حتى امتزجت الأحداث وتداخلت التداعيات، فتطوَّر الأمر حتى أصبحنا حساسين جداً تجاه العامِلين الأهم: السُّرعة أم المصداقية؟ ثم برز عامل "الأجندة"، وصارت المتابعة تنحصر وفقاً لسياسة القناة وأجندتها! ثم انتهى بنا الأمر إلى عامل "الصورة الذهنية أو النمطية" للقناة، سواءً استنتجنا هذه الصورة بأنفسنا، أم غرسها أحدهم في أدمغتنا!  

 
هكذا أنذرت جوجل بإيقاف خدمة جوجل ريدر
على أي حال، شركة "جوجل" صرحت قبل أسابيع بأنها ستوقف خدمة "جوجل ريدر"، وهي خدمة تعنى بتجميع وعرض خلاصات التغذية التي تقدمها مختلف المواقع في صفحة واحدة، وعلى رأسها المواقع الإخبارية التي تتحدث مرة على الأقل يومياً. في البداية أزعجني الخبر! لأني أعتمد كثيراً على هذه الخدمة، ولكن عندما عرفت مبرر السيد Richard Gringras، المدير الأول لمنتجات الأخبار والمنتجات الإجتماعية في "جوجل"، هدأت، واقتنعت!

 
 السيد Gringas يبرر إيقاف الخدمة بأن البشر لم يعودوا يهتمون بالأخبار المتحددة بعامل الوقت، لقد تطوَّر الوعي لديهم - والسبب القنوات الإخبارية في رأيي - فأصبحوا يستقون أخبارهم بالدخول على المواقع المتخصصة والشبكات الاجتماعية، وتخلصوا من عادة فتح موقع وحيد، مرة أو مرتين في اليوم، يجمع لهم خلاصات الأخبار! 

السيد Richard Gringras
"جوجل" أدركت أن مستخدمي الإنترنت، الذين تجاوزوا 34.3% من عدد سكان الأرض، ونموا بتسارع بلغ 566.4% في لفترة من 2000 وحتى 2012، لا يرغبون بموقع إخباري يدخلون إليه مرة أو مرتين في اليوم، لقراءة آخر الأخبار! أليس هذا من لعنات القنوات الإخبارية التي أشاعت مفهوم التحديث الوقتي والسريع للأحداث؟

يحدث كثيراً أن ألتقي بأناس عاديين من خارج الوسط الصحفي أو الإعلامي، يرددون أن "ما يحدث حولنا من تطورات للأحداث كثير، وسريع، مُتداخل، ومُمِل، يحاصرنا من كل جانب، ويُؤثر سلبياً على حياتنا"! هم على حق.. طالما أن أحداث القتل والتدمير في العالم في وتيرة متصاعدة، لا ولن تنتهي! 

تعليقات