إلا الذوق!



أغلبنا حضر نقاشاً محتدماً عنوانه "أيُّ الهواتف الذكية أفضل؟"، وربما كان طرفاً في هذا النقاش الذي لا ينتهي – عادة – بإقتناع طرفٍ على حسابِ الآخر. ورغم أن جميع الهواتف الذكية المعروفة جيِّدة، وتؤدي المطلوب منها على أقل تقدير؛ مهمٌ أن نعي أن هناك كتلة من المعايير المتداخلة هي التي أدَّت بشخص إلى تفضيل جهازٍ على آخر!

قد لا نختلف على سرعة المعالج وحجمه، الذاكرة الداخلية، جودة التصوير، دقة الشاشة، عمر البطارية، استقرار النظام، ولكننا سنختلف حتماً على الذوق.. الذي لا يعيره الناس اهتماماً حين يخوضون نقاشاً حول أمور تتعلق بالتقنية!

في عالم المقتنيات الشخصية؛ إن تفضيل "علامة تجارية" بعينها، يتعلق أيضاً بمعياري الذوق والولاء، تماماً كبقية المعايير التنافسية التي يحدث حولها الجدال، وهذا يظهر جلياً لو تناقشنا حول أفضل شركة مصنعة للسيارات، أو أجهزة اللابتوب، أو ساعات اليد! فهناك من لا يحيد عن نوع سيارة بعينه، أو لا يشتري غير علامة تجارية محددة لأجهزة المنزل، وهذا منبعه الولاء الذي صنعته الثقة، فهل نلومه؟ نشكك في ذوقه؟ لا أعتقد.

بل وحتى الاصطفاف لساعات أمام المتاجر لشراء منتجٍ جديد، من الطبيعي أن تتباين حوله الآراء! فالمصطفون غير مستعدين لسماع أي رأي سلبي حول المنتج الذي يتكبدون عناء شرائه، وفئة أخرى ترى أن المنتج مميز، ولكن ليس من الضروري أن أنتظر شراءه بهذا الوله، وهناك من ينظر للأمر برمته على أنه خارج عن نطاق المعقول، وأنه غير مستعد لأن "يذل" نفسه حتى يشتري هذا المنتج! بل وُجِد من ذهب إلى أنها دعاية رخيصة من الشركة المصنعة لهذا المنتج، وأنه سيصرف النظر عنها إلى المنافسين بسبب هذا الأسلوب "المستفز" في التأثير على سلوك الشراء!

شخصياً، إن تحقُّق شعور الامتنان التام لعلامة تجارية ما، بسبب ارتقائها لتحقيق أغلب ما كان متوقعاً منها؛ يرافقه – على الأغلب – غضٌ عجيب للطرفِ عن بعض العيوب أو المميزات المفقودة في المنتج الذي تقدمه هذه العلامة التجارية، والتي تعمَّد المنافسون إثارتها والتلويح بها!

إنَّ مَن يعتقدون أنَّ ما يؤمنون به حول المقتنيات التجارية الشخصية، من المُسلَّمات، وينتقصون اختيارات غيرهم إن لم تتطابق مع يؤمنون به؛ هم في هذا يساوِموننا في اختلافنا كبشر، وقد يُشكِّكون في ذكائنا! وكأننا لم نأتِ من بيئات متعددة، ومررنا بتجارب لا تتشابه، أفضت إلى طرائق تفكير مختلفة، جعلت لنا كامل الحرية في تحديد ما يلائم أذواقنا واختياراتنا.

تعليقات