أرضيٌّ ومَلاك





يا هبة السماء وبؤرة الطبيعة

يا جمالَ كلّ روح

وانقسامَ الكِبر الجَموح

يا سعادة السعداء, ومهابة الأدباء

يا تحوّلي إلى الطليعة




سأناديكِ بكلّ أحرف النداء


وسأتحققُ من تلاؤم أرضيتي والسماء

لأن دِفْأكِ غريبْ

وحنانكِ كون رهيبْ

فلا غَرْوَ أني الأرضيّ البائس

وأنتِ ملاك من عنان السماء




لم أظن أنكِ لست كذلك


ولم أتخاطر سوى أني سأجالس ملاكاً

وظاهراً لا يخالف كنزاً كحالك

وبيداءَ خالجي عقدّتُ تطييبها

بوردكِ وأحداقكِ ونثارك





خطوتُ ..


خارجاً إلى بابك, باب السماء

تركتُ كوناً خلفي سيئاً بغيضاً بكل الأسماء

تركتُ الهزل والحاقدين

تركتُ عشاقاً ..

ظننتهم عاشقين

تركتُ السواد في عتمة غارقين

والبياض في بيهقة تائهين

والشموع دون شاعل

والزهور دون حامل

وكلّ الأرضِ, في غوغاءَ دامغةٍ حادرين





تركتُ قلوباً قابعة عائبة في الحزن ذائبة


تركتُ شفاهاً حائرة حاسرة ليست قادرة

تركتُ نهداً ليس سوى جبلاً رامل

وسفحاً ليس سوى رملاً طامل

وشحوباً ضَبوباً

وبشراً نحو طمورٍ منقادين





أتيتُ حبيبتي الملاك, ملاكي الحبيب


تخطى قلبي صعودي إليها

وتوسّط طاولة ليتها ما كانت

يقتبس بنورٍ ليس بنور

ويصطلي بحرارة ما لم يحدُث

ويتجمّل قبلي بعينان ..

بالانتماء زانت





فجأة! ..


رأيت أخيراً ما لم أكن أحسَب

قدمايَ بحثتْ عني بعناء

وجسدي تزمّل بي يُلهب

وروحي رجوتها البقاء

وفكري تهادى كطير يُصلب





تطايرَ ضوءٌ ماسيّ شقّ العنان


أعماني, فغفلتُ عن المحيط والمكان

ملاكٌ سماويٌ رأيتْ

بكلِّ ما فيهِ, بكلِّ ما صار, بكلِّ ما كان

استدارة قمرية فضية الأنحاء

نبتتْ من فوقها خميلة ناعمة داجنة رَوَاء

ثغران كوردتين عبقتين ريَّتين ضِياء

يدٌ لمستها بكل حرارتي

لا يداً هيَ يدٌ سواها, وربي فوق السماء

حديث غزير الرقة

ومبسم كماليّ به لي شقة

فراؤه ليست براءٍ, وتكراراها يُريِّف الأجواء

ترأرئي واروي استريائي لراءات روية رقية ربيّة رفّاء






لا بشراً رأيتْ


ويلومني ملاكي هزّات كنت أداريها

وعواصف كنت أخافيها

وبحوراً هائجة دأماء





احمليني إليكِ يا ملكتي


فما أنتِ سوى ما أنتِ, بلا زيادة أو نقصانِ

وجودي عليّ دوماً بما رأيت أقبّل

وما لم أرَ, ملائكي دون ريب وبيانِ

ملاكٌ ما رأيت يا ملاكي

وحبي لكِ بمرآك سيدي المجنونِ

فلا تستغربي قبلاتي وتحرراتي وتخلياتي

يا جنتي وأمنيتي, يا سحر الحنانِ





في ما اخترتِ التقيتكِ


في جنة, كما توقعتُ من ملاكِ

لتستولي عليّ بتوكيد أحاطه توكيد

وبراءة عميقة الأنوثة, مشرئبة التجويد

لتُحفليني باكتمال التماساتي لحروف ماستك

وترغميني الندم على مساواتي

فما أنا إلا أرضيٌّ حالم طموح

لا زلت ألملم تجرداتي وشطحاتي



أحبكِ ..


وكلّ ما يعنيني استرضاؤك بي

وقربكِ من سطحي وقلبي ومساحاتي

تعليقات

  1. مجهول قال:
    يونيو 5th, 2006 at 5 يونيو 2006 12:15 م

    أشعر بأنه من غير المنصف ان أخرج دون أكتب رائع ،،،،،

    ردحذف
  2. مجهول قال:
    يناير 9th, 2008 at 9 يناير 2008 8:34 ص

    أستاذي

    كلما قرأت هذه القصيدة

    إنتابني شعور غريب

    يدفعني لقرائتها مرّات ومرّات ومرّات

    أدامك لملاكك وأدامك ملاكها

    ردحذف

إرسال تعليق