سَرهد وعشقان!

2006/يوليو/31:

- إيه يا "سرهد" أنظر أنظر.. إنه "عشقان" زميلنا في الثانوية!

"عشقان". لم أره منذ المرحلة الثانوية. ربما كنتُ سأراهُ مرّاتٍ لو بقيت في ذات قريتنا التي هاجرتها من بعد الثانوية إلى المدينة. لقد تغيّر "عشقان" كثيراً! وتغيّرتُ أنا.. كذلك. ولكنه في نظري، تغيّر جذرياً. لقد التحى وقصّر ثوبه. لا! لا أعتقد أنه انضم إلى جماعة أو حزب! لا أعتقد أبداً. 

إيه.. 
"عشقان" الذي كان يطرب لي حين كنتُ أغني له في حِصَص التربيتين الفنية والبدنية. "عشقان" الذي بدا في الثانوية بهيّ الطلة وصغير البنية قليلها. لا! لم يتغير كثيراً، ولكنه امتلأ بعض الشيء، وتلك اللحية.. يا إلهي! من أين له بها في عمره هذا؟ رُبما استخدم زيتاً ممنوعاً أو وصفة سحرية ما؟ ربما.

كل هذا هاجَ فيَّ وهجدَ في ثانيتين حين مررتُ مع "سرهد" خلال أهم شارع في القرية بعد غربة 4 سنوات. رأيت خلال مروري هذا "عشقان" البريء الطيب المغلوب على أمره الذي كنتُ أرى فيه "كشمير" التي يتحارب عليها الهنديون والباكستانيون منذ عقود! فقد كان في المدرسة فريقان همّهما الشاغل "عشقان". فريقٌ يحاول التقرّب منه، وفريقٌ يهاجم كل من يقترب (أو حتى يحاول أن يؤدي صلاة الظهر ملتصقاً به). طيب.. الحق يُقال: "عشقان" كان جميلاً.. جميلاً جداً. وكنتُ أراقب من بعيد ما يحدث. لم تكن بيننا أي صداقة.. سوى أني كنتُ أغني له! 

*** 

مضى على انتقالي إلى المدينة 7 سنوات. أنهيت خلالها الجامعة، وعملت في وظيفة حكومية بسيطة. والأحداث التي مرّت وتمر علي لا تختلف كثيراً عما يحدث عادة لأي شاب في عمري. وتلاشت مع الوقت معظم قنوات ارتباطي بأهل القرية. باستثناء أهلي – بالطبع – وصديقي الوحيد "سرهد". كان "سرهد" سيّء الحظ للغاية، بل آمنت من بعده أن هناك (نحساً وسوء طالعٍ) يغلف أقدار بعض الناس. فكل مغامرات "سرهد" الشبابية تنتهي بمصيبة أو سبب أتفه من لسعة بعوضة. ولكني كنتُ أقرب من حوله منه، بحكم طيب قلبه وإيماني العميق بأنه سيستحق يوماً أفضل مما هوَ عليه. 

بعد 9 سنواتٍ من هجرتي للقرية، زوّجتني (أمي) بابنة أحد أعيان القرية. هكذا هيَ العادات، ولستُ أنا الذي آتي الآن لأعترض عليها. إنها العادات، المقدسات الجليلات العظيمات.. أو كما يعبر "سرهد" عنها! 

وبعد زواجي (الرتيب الباهت) بأيام، اتصل بي "سرهد" الذي رسم بصوته على قوقعة أذني أجمل ألوان السعادة. استغربت! فـ "سرهد" الذي انتهى قبل أيام من علاقة محزنة ربطته بحبيبته "سلسبيل" لأشهر، وانتهت بزواجها من صديقه، يُهاتفني الآن والبهجة تقطر من فمه. 

- خير يا "سرهد"؟ مالذي أضحك روحك وأبسمها بعد ذاك النحيب وتلك الدموع؟ 
- "عاكف"! أدري أنك في شهر العسل. ولكني والله لم أتصل إلا لأني سعيد حتى سابع سماء. وأريد أن أشاطرك سعادتي هذه.
- إيه يا "سرهد". ومَن هيَ هذه المرة؟ من القرية أم من خارجها؟
- مِن القرية يا "عاكف" من القرية. وسأخبرك بسرّ.. إنها متزوجة، ولديها طفلة.
- …..
- "عاكف" هل أنت معي؟
- معك.. معك.. مبروك. وهل أنت مبسوط معها؟
- آه.. كل البسط. لقد استرديت روحي بفضلها، وعادت لي ثقتي في نفسي أضعافاً. فزوجها ابن السافلة لم يُقدر النعمة التي حباه الله بها. ليتني أستطيع قتله. ذاك الأمرد الناعم. لقد (تديّن) لفترة من حياته والتحى، ولكنه سرعان ما عاد إلى طبيعته الجنسية الشاذة. ههههههه.. لقد انتقمت لها على أي حال، وأشبعتها حين….
- "سرهد" لا تتمادى كثيراً. إنها متزوجة. أقصد لا…
- يا رجُل؟ بعد كل الأبواب الموصدة التي عرفتها، هل تسألني الآن أن أبقى في سجني بينما بابها مفتوح؟
- طيب.. على أي حال انتبه على نفسك.


متزوجة؟ يا رب استر. فـ "سرهد" خبرته الـ…. الهاتف يرن. 

- ألو. 
- "عاكف" "عاكف".. أتدري زوجة مَن هيَ؟
-لا.. بالطبع.
- شخص تعرفه أنت، وأنا.
- مَن هوَ.. بربّك؟
- "عشقان"
- "عشقان"؟؟!
- نعم "عشقان"
- "سرهد" هل أنتَ …
- "عاكف"، إنه أبله حقير. لم يكن في يومٍ صديقي. كان زميلاً فقط. ولو تعرف كيف تعاني زوجته المسكينة الطيبة الضعيفة..
- يا إلهي.. لا تكمل.
- طيب. كنت أود إخبارك فقط. إلى اللقاء.
- إلى اللقاء.


يا إلهي! زوجة "عشقان" الذي كنت أغني له؟ كم هي صغيرة الدنيا يا "سرهد! وما دخلي؟ للرجال النواعم شأنهم وزوجاتهم مع ضحايا (النحس) أمثال "سرهد". كان "عشقان" يحب "وهم" لمحمد عبده بصوتي، بل كان يطلب مني باستمرار أن أغنيها له.. ربما كان يستقرئ..ربما! أو أنه يحبها ليرددها "سرهد" بعد أيام من اليوم؟ أيضا ربما! 

"وهم، كل المواعيد وهم 
تعب تعب.." 

تعليقات

  1. مجهول قال:
    يوليو 31st, 2006 at 31 يوليو 2006 8:50 ص

    مجنونة القصة.. وصعبة الفهم. بس فكرتها مجنوووونة.

    ردحذف
  2. مجهول قال:
    أغسطس 1st, 2006 at 1 أغسطس 2006 3:11 ص

    ليش يامحمد في النهاية كاتب وهم، أتعلم أنني أبكي، فتلكـ الأغنية التي غنّاها لي زوجي الراحل، الله يسامحك. كل التوفيق

    ردحذف
  3. مجهول قال:
    أغسطس 2nd, 2006 at 2 أغسطس 2006 12:38 م

    00000 وماذا حصل بعد ذلك يا ,,عاكف,,؟!!

    كثيراً ما تتشابه الأحداث مؤخراً إنما تختلف علينا الأسماء والأشكال..
    .. كان الله في عونك يا ..سرهد..

    ردحذف
  4. جلــــــــــــــــــــــنـــــــــــــار قال:
    نوفمبر 1st, 2006 at 1 نوفمبر 2006 12:17 م

    احداث ترسم بسخرية

    وقلم تدور له الرؤوس

    دمت كما تحب

    ردحذف

إرسال تعليق