ليلة خميس!


يتداخل مفهوم التشبه بالكـُفـَّار في الكثير من نواحي الحياة، ويحوم بالشكوك حول الكثير من الأمور، حتى تعددت مفاهيمه، وساورته الشبهات، فإذا كانت القصَّات الغربية تشبهاً بالكـُفـَّار، فمال بال قيادة السيارة؟ هناك مَن يقول أن التشبه يأتي في الأمور التي يمكن الاستغناء عنها! وآخر يخلط بين بنطلون الجينز وهدايا الكريسماس! وثالث يقول أن الأمر برُمَّته لا يعنيه، فالدين يُسر.

إن التشبه بالكفار تعريفه من ذات مصطلحه! تشبه بالكفار، يعني تشبه بمن يكفرون بالإسلام، فالأمر متعلق بالدين، وليس بالعادات ولا اللغات ولا الهيئات. وإنَّ الخلط المعهود في مجتمعنا بين العادات والعبادات، بعثر هذا المفهوم، ومزج بين التشبه المرتبط بالدين، والتشبه المرتبط بما سواه من الأمور التي لا تتصل بالدين. ومِن هنا، فموضة بنطلون الجينز (اللو ويست) ليست حراماً، ولكنها تقليد مقزز للبعض، فهي حتماً تشبه بالغرب، ولكنها ليست مرتبطة بالدين. إنها بكل بساطة - وليستُ مُدافعاً عنها بأي حال - خروجٌ عن المألوف، واستقبال رحبٌ بالجنان والأركان لظاهرة سلوكية لم نعتد عليها، اخترعها الغرب، وستغيب مع إشراقة ظاهرة أخرى،
ويُقاس على ذلك كل ما لا يتصل بالدين، وإلا، لحَرُمت عيشتنا برُمِّتها!


إن ما ساقني لهذا التقديم هوَ الحديث المُتداول على عدة أصعدة حول تعديل الإجازة الأسبوعية الرسمية لتصبح يومي الجمعة والسبت. وإيجابيات هذا التعديل متعددة، وقد ذكرت في أكثر من مناسبة، إلا أن مجلس الشورى ناقش هذه القضية، وخلُصَ إلى عدم الوصول إلى اتفاق مُحدد، والسبب الأهم كان أنَّ عطلة يوم السبت تتعارض مع الشريعة الإسلامية! لأن فيها تشبهاً بالغرب! وسبحانه ربي، كيف تم هذا التحليل، وعلى أي أسس قام!


وهناك أسباب أخرى، إلا أني أكاد أجزم لو أن أعضاء مجلس الشورى، كون معظمهم إن لم يكن كلهم من منسوبي القطاع الحكومي، أقول لو أنهم عملوا في القطاع الخاص، وجربوا لسنة واحدة كيف هي الحياة بإجازة أسبوعية تتكون من يوم واحد، لعرفوا عِظم الفرق بين النعيم المُقيم، وهذا الإقرار السقيم، والذي فاقم أزمات كثيرة، أزمة العزوف عن القطاع الخاص، وأزمة الحوادث المرورية، إذ أن موظف القطاع الخاص يحسب الدقائق لا الساعات في الوصول إلى أهله إذا كان يعمل في مدينة أخرى، والأزمة الاجتماعية التي تترصد بهذا اليوم الوحيد في الأسبوع، وأزمة الترفيه عن النفس، وبالتالي زيادة الإنتاجية، وأزمة التقصير في الواجبات العائلية.


لقد ناقش مجلس الشورى هذا التعديل، والذي أخطأت - في نظره - 4 دول خليجية بإقراره، ولم يُوفق الكثير من الخبراء الاقتصاديين في القول بإيجابيته وضرورته، لأنه - في نظرهم، وبالإضافة إلى سبب التشبُّه بالكفار - سيؤثر على انتاجية القطاع الخاص، وأنه سيغير على عادة عمرها طويل، أطول من عمر أغنية "ليلة خميس" التي أظن أنها من الأسباب!


تعليقات