يستعد مجموعة من شباب وفتيات السعودية لإحياء ذكرى كارثة جدة بالعمل التطوعي من خلال مجموعة من الأنشطة الميدانية والإعلامية، عبر موقع خاص أطلقوا عليه "مجتمع متطوعي السعودية" وصفحة أنشأوها على موقع "فيسبوك".
وقد وجه القائمون على"مجتمع متطوعي السعودية" نداءً إلى متطوعي ومتطوعات إنقاذ جدة، والجمعيات الخيرية، والإعلاميين، والجهات الحكومية الفاعلة، والقطاع الخاص المسؤول، وكل من يعنيه أمر السعودية كوطن، قالوا فيه: "إننا وبالرغم من أن أربعاء نوفمبر السادس والعشرين كان علامةً بارزةً كشفت عن "قبح الفساد" بما خلّفه من ضحايا وأضرار، إلا أنّنا استطعنا بوعينا وإيجابيّتنا أن نحيله رمزاً للعطاء والخير والتكاتف".
ويضيفون في النداء الموجَّه: "إننا نخاطب هذا الجمع الواعي، مبادرون بتخليد ذكرى كارثة جدّة، إمعاناً في ترسيخ كُلّما هو إيجابي، آملين ممن تنال الفكرة استحسانه أن يضمّ صوته مبادراً معنا وأن يقترح ما يرى أنه عملاً أو حدثاً مسؤولاً ومناسباً لنقوم به في كلّ 26 من شهر نوفمبر، وذلك على الصعيدين الإعلاميّ والتطوّعي".
من جهته، أوضح رياض سعد الزهراني المشرف العام على "مجتمع متطوعي السعودية" في اتصال مع "العربية.نت" أن الهدف من إحياء ذكرى كارثة جدة هو دعوة الجهات التي لم تتحرك إبَّان الكارثة لأن تتحرك في ذكراها على الأقل عبر الأعمال التطوعية التي تخدم هذا البلد ومجتمعه.
ويقول الزهراني: "الشباب والفتيات في جدة سيجتمعون في فعاليات تطوُّعية على مدار يوم 26 نوفمبر لإحياء العمل التطوُّعي. إننا لأول مرة نقوم بأمر بهذا الحجم من بعد أيام الكارثة، وأتوقع أن يكون يوم الذكرى على مستوى طموح شباب وفتيات مجتمع متطوعي السعودية".
وحول الداعمين الحاليين لـ"مجتمع متطوعي السعودية" أوضح الزهراني أن هناك جهة واحدة تعمل في خدمة المجتمع تقدمت لدعمهم مبدئياً، وسيتفقون معها بعد مناقشة تفاصيل الدعم. ويضيف: "للأسف لم نجد من بعض الجهات إلا أقوالاً دون أفعال، ولازلنا نُعاني من صعوبات التمويل سواءً للتسهيلات أو للموقع الرسمي الخاص بـ "مجتمع متطوعي السعودية".
وعن محاكمة المتسببن عن الكارثة علَّق الزهراني: "من الأمور التي نتمنى أن تحدث مع هذه الذكرى أن نعرف أين وصلت التحقيقات، ومتى سيُحاكم المتسببون بهذه الكارثة الفظيعة".
أعمال ميدانية متنوعة
ومن ضمن الأعمال الميدانية والإعلامية التطوعية التي اقترحها "مجتمع متطوعي السعودية" إرتداء قمصان بيضاء اللون للتعبير الرمزي عن النقاء والصدق، والقيام بجولة تنظيف صباحية لمدة ساعتين تشمل أحياء جدة، وزيارة الأسر المتضررة سابقاً للتخفيف عنهم، وإجراء مؤتمر أو لقاء مسائي برعاية إحدى الجهات تدور محاوره حول العمل التطوعي والمدني.
وقد انطلق "مجتمع متطوعي السعودية" على موقع "فيسبوك" بعد كارثة سيول جدة بأيام، وذُكِر على بيانٍ وضعه القائمون على صفحته أن "هذه الحملة الإلكترونية انطلقت محبة في وطننا الغالي وتضامناً مع مدينة جدة، وما حل بها جراء السيول، كأول شمعة تضيء غسق ذلك الليل المظلم في 26-11-2009، إيماناً منا بقدرة شباب الوطن على مد يد العون والمساهمة في تضميد الجراح".
فِـرَقٌ تطوعية جدَّاوية
وكان شباب وشابات المجتمع الجداوي قد تفاعلوا مع كارثة جدة من خلال العمل التطوعي الذي شهد إقبالاً كبيراً منهم بروح تنافسية، من أجل المساهمة في مساعدة الأسر المتضررة من السيول.
"غسان كلكتاوي" أحد المنتمين لفرقة "مواطنة" أوضح أن إمكانياتهم تتمثل في حماسهم ورغبتهم الصادقة في الوقوف بجانب الوطن، من أجل تقديم شيء بسيط، مشيراً إلى أن عددهم أكثر من خمسمائة متطوع، تتنوع أدوراهم بتوفير المتطلبات الضرورية للأسر، ونشر التوعية الصحية والاجتماعية، وتسجيل بيانات الاستبيانات لحصر أعداد الأسر المنكوبة، وذلك بالتعاون مع جمعية البر بجدة، وأضاف قائلاً: "تم توزيع أكثر من 8,000 وجبة وقام الفريق بتعبئة أكثر من 3,000 صندوق من المواد الغذائية".
تفاعُل شعبي كبير
كما تفاعل العلماء في السعودية مع الكارثة التي تعتبر غير مسبوقة ومن ذلك ما قاله المستشار في الديوان الملكي الشيخ عبد المحسن بجواز "التشهير بمن يثبت تورطه في فساد مالي أو أخلاقي فيما يتعلق بكارثة سيول جدة إلى ولي الأمر الذي يفصل فيما يراه مناسبا لجرم المحكوم عليه".
يذكر أن التحقيق والقبض على بعض المتسببين في الكارثة طال أسماء كبيرة في أمانة جدة كما وصل لعدد من كتاب العدل والدفع بهم ليمثلوا أمام الدوائر الجزائية في قضايا إصدار صكوك لمخططات على مجاري السيول وبتهم مثل الرشوة، التزوير، استغلال النفوذ الوظيفي، التربح من الوظيفة العامة، إساءة استخدام السلطة، والاستجابة لطلبات التوصية. كما تم استجواب قرابة أربعين مسؤولاً بعضهم تم اعتقاله أثناء دوامه في مكاتب الأمانة وأطلق سراح أكثرهم بعد انتهاء التحقيقات.
من جانب آخر كان التعاطف والغضب الشعبي فاعلاً، ففي الوقت الذي كانت فيه لجنة تقصي الحقائق العليا تعقد اجتماعاتها اليومية المكثفة تم وبشكل موازٍ تنظيم حملات غير رسمية على مواقع جماهيرية واجتماعية تحظى بمتابعة عالمية مثل موقع "فيسبوك"، بهدف وضع الحقائق أمام الباحثين عنها وتعرية المسكوت عنه، ومن ضمنه ما لا يمكن نشره عبر وسائل الإعلام الرسمية.
الكارثة ولدت من رحمها مئات القصص المأساوية تركت الكثير في وجدان أهل جدة خصوصاً والشعب السعودي عموماً، إذ بلغ عدد الوفيات جرَّاء كارثة السيول أكثر من 116، وتشردت أكثر من 7,797 أسرة، وطالت الأضرار أكثر من 11,849 عقاراً، وتدمَّرت أكثر من 10,913 مركبة.
تعليقات
إرسال تعليق