شباب سعوديون يصوِّرون مأساتهم مع أزمة الحصول على سكن عبر "مونوبولي"



دبي - محمد جمال
أطلقت مجموعة من الشباب السعوديين، أمس الأربعاء، فيلماً وثائقياً درامياً يصوِّر معاناتهم مع أزمة الحصول على السكن، في قالب كوميديا سوداء، كشفوا من خلاله عن قصص واقعية مختلفة لمجموعة من الشباب، وقف ارتفاع الإيجارات وغلاء الأراضي عائقين أمام حصولهم على حقهم في السكن الملائم والآمن.

ويحكي الفيلم "مونوبولي" عن شاب يعيش في سيارة من نوع "فان"، يقص معاناته مع الحصول على سكن، تارة بالتمثيل الصامت، وأخرى حين يتحدث بسخرية عن رضاه عن مسكنه المتنقل الذي يحقق له العيش على البحر، أو في أي مكان يفضله، دون انتظار الحصول على سكن من الدولة.

وآخر هاجر إلى البرازيل لتصدير "الخطط العلمية" السعودية في كرة القدم إلى الدول الأجنبية، ممتهناً تدريب البرازيليين على لعب كرة القدم بطريقة صحيحة، حيث يعيش بالمجان في أحد الأحياء العشوائية هناك.

ومجموعة أخرى من 4 شباب ضاقت بهم أزمة الحصول على سكن، فاضطرتهم إلى السكن في غرفة واحدة؛ لكل منهم قصة، تُشابه كثيراً - وقد تُطابق - قصص الكثيرين من شباب هذا الجيل.



فرض رسوم
وفي معرِض الفيلم، أوضح الكاتب الاقتصادي عصام الزامل أن هناك صعوبات شديدة تقف ضد تملك الشباب السعودي للسكن، فالذي يستطيع تملك سكن في السعودية، وفقاً للمختصين، يجب أن لا يقل دخله الشهري عن 15 ألف ريال، بينما نسبة السعوديين الذين تتجاوز دخولهم الشهرية 15 ألف ريال لا تتجاوز 10% من مجموع السكان.

وتابع الزامل: "معدل رواتب موظفي القطاع الحكومي لا تتجاوز 7200 ريال، بينما معدل رواتب القطاع الخاص لا تتجاوز 3300 ريال، لذلك هناك فجوة كبيرة بين تملك السكن ومداخيل المواطنين في السعودية".

وشدد على أن الحل الوحيد لمشكلة ارتفاع أسعار الأراضي هو "سن رسوم سنوية على الأراضي البيضاء"، ويقول: "بمجرد سن هذه الرسوم سيبدأ تجار الأراضي ببيع أراضيهم، ولن يستطيعوا الاحتفاظ بها سنوات طويلة كما هو حاصل الآن، وستحل المشكلة خلال سنة أو سنتين من وقت سن هذه الرسوم، وسيزيد عندها انخفاض أسعار الأراضي عن نسبة 50% إلى 70%".

الفيلم "مونوبولي" الذي صُوِّر ما بين السعودية والبرازيل، أبرز أموراً أخرى غير فكرة الحصول السكن، التي تؤرق الشباب السعوديين، فكثيرون أيضاً لفت انتباههم أسلوب التصوير والإضاءة والسيناريو، ما يؤسس لنقلة نوعية في الأفلام القصيرة بالسعودية.



الفيلم لم يكلف شيئاً
واتصلت "العربية.نت" بمخرج الفيلم بدر الحمود، وبادرته بالسؤال عن التقنيات المستخدمة في الفيلم، فأكد أن اهتمامهم الشديد بتفاصيل الإخراج والإضاءة أتى من أهمية الفكرة نفسها، وقال: "لدينا رسالة، ومن الابتذال أن نهمل الأمور الفنية، ونعتمد على الرسالة فقط". وأضاف: "رسالتك لن تصل، مهما كانت أهميتها، إلا إذا كانت متقنة، سواءً في السيناريو أو في الإخراج أو في التصوير".

وكشف الحمود عن أن تصوير الفيلم لم يكلف الكثير، بحكم عدم وجود ميزانية إنتاج، فالكاميرا التي تم استخدامها رخيصة جداً ويستطيع أي شخص اقتناءها، ولكنهم اعتمدوا كثيراً على جماليات الإضاءة وإيحاءاتها.

وحول مدة التصوير وأسلوب السيناريو قال الحمود لـ"العربية.نت": "الفكرة راودتنا من سنة، إلا أن التصوير استغرق شهرين، وفكرة (الفان) الذي يعيش فيه شخص لا يملك سكن موجودة من 2008، وتم العمل على السيناريو والحوار لـ6 أشهر، فأسلوب الـ"Mocomentry" المستخدم في الفيلم يتعمد جعل المشاهد حائراً ما بين الجزء الوثائقي والجزء الدرامي".

وتسابق السعوديون على "تويتر" في تداول الفيلم وتدوين آرائهم عنه، فقال الدكتور سلمان العودة عنه: "فيلم مونوبولي روح شباب شق طريقه بنفسه وقدم دراما تعبر عن مشكلة تكبر كل يوم.. شكراً لفريق العمل".

وقال رسام الكرتون المعروف مالك نجر: "فلم مونوبولي تطرق لقنبلة مؤقتة إذا انفجرت ستهدد الاستقرار والأمن في السعودية".

بينما علق القاضي الشيخ عيسى الغيث في صفحته على "تويتر": "بعد مشاهدتي لفلم مونوبولي عن احتكار الأراضي وتضخم أسعارها تساءلت في نفسي عن سر العلاقة بين أصحاب العقار وأصحاب القرار؟!".

يُذكر أن عدد مشاهدات الفيلم بلغت خلال 17 ساعة منذ إطلاقه 80 ألف مشاهدة تقريباً.



تعليقات