كلنا شعراء



من منّا ليس شاعر؟..

الشاعر هو الذي يشعر! فالذي يشعر نسميه شاعر، كالذي يحرث نسميه حارث، والذي يقتل نسميه قاتل، والذي يسرق نسميه سارق!



آه! ما أجوفَ شعراء اليوم، يسرقون الكلمات والتركيبات من بعضهم، ويوهمون الجميع بأنهم استطاعوا خلق قصائد وأبيات! ثمّ اخترعوا مصطلح (التناصّ)، وبرَّروا تشابه النصوص والأفكار بالتناصّ. "لا، هذه ليست سرقة! هذا تناصّاً"!!

عندما كنت صغيراً، حلمت كثيراً بأن أكون شاعراً، وكوّنت لنفسي أسساً وحروفاً لوّنتها بما أحس به. وكنت دائماً ما أحلم بأميرة لكتاباتي، وثائر بربري يتغزّل بها. كنت أصوغ شعر هذه الأميرة نقيضاً لبربرية هذا الهمجي، وشعر هذا الهمجي، كان يفيض برعود ما بعد هتـّان هذه الأميرة. ومَرّة، دخل عليّ أبي وأنا أرمي بالبربري بين أحضان الأميرة بأحرفي، فنزع ما بيدي وقرأ حفنة من براءتي، فأخذ بأذني وشكاني لأمي بأني عاشق!

مصطلح جميل ونعت هائل، أنا عاشقّ! أنا أعشق لعبتي البربرية الهمجية، والهتونية الأميرية! بعدها، صرت أصوغ العلاقة بينهما – مُصدّقاً – حتى طورتها إلى العشق. وعندها شعرت أني أحزن حين تحزن الأميرة لأن البربري غاب عنها لأيام، فألومه وألوم كلماتي القليلة، وكنت أدمع حين أتصور البربري يجلس على صخرته القرمزية تعيساً يتحيّن رسائل الأميرة. ومع هذا، لم أشعر بأني شاعر كما كنت أحلم، ولم أشعر حتى الآن!

شاعر! اسم فاعل ككل أسماء الأفعال، ولكنه ذو ترنيمة أخّاذة! فالكاتب والقاصّ والقائل والناثر كلها مسميات أدبية، وأتت من النبوغ في عمل الشيء، ولكن الشاعر مسماه أتى من نبوغه في الشعور، نبوغه في الإحساس بمن حوله، نبوغه بوصف شعوره، وشعوره حين يَشعر بشعورٍ أشعَرَهُ بشِعرٍ شَعَرَ أنّعليه أن يصفه!

كلّنا شاعر، وبالتالي كلنا شعراء. كلنا يشعر بالرصاصة الغائرة في رؤوس الشهداء، وكلنا يشعر بإحساس الطفل قبل أن يحين موعد سقوطه من على دراجته لأول مرة، وكلنا يشعر بدفء نسائم الحب العطرة حين تمسح غبار قلوبنا بكل هدوء ورقة، وكلنا يشعر بسذاجة السياسة العربية! إذن، الإنسانية شاعرة. ومع أنّ درجات الشعور بالمشاعر متباينة، إلا أنّا شعراء، ونستطيع ترجمة نبض قلوبنا بكلمات تلملم مشاعرنا، وتصلّب ضعفنا، وتزيدنا إحساساً يضفي شعوراً أفضل بما نشعر به.

الشتّان بين دوافع هيجان مشاعرنا يقوي صلتنا بالشعر، ويمكّننا من كوننا أناسٌ شَعَرنا وأصبحنا شعراء. وعندها سنحب كثيراً صدق مشاعرنا التي ترجمناها بعد أن تيقنا من أنا شعراء، وأن كل مَن ْكتب حتى لو خربشة، هو شاعرٌ بالفطرة والفِعل!

تعليقات

  1. مجهول قال:
    يونيو 5th, 2006 at 5 يونيو 2006 11:58 ص

    كلّنا شاعر, وبالتالي كلنا شعراء. كلنا يشعر بالرصاصة الغائرة في رؤوس الشهداء”

    كلنا شعراء لأننا نشعر فقط بأنفسنا وأن شعرنا بغيرنا فذلك لا يتعدى لحظات بعدها يستكين الوضع وتهدأ النفس وما نشعر به حاجاتنا الفسيولوجية فقط أما من حولنا لانشعر بهم ولاهم يحزنون ،،،،،،

    معركة الشعور أعيشها وأجابه من أجلها الكثير من العقبات سقطت مرات متعددة من أجل غيري وعدت للوقوف والصمود من جديد لأنني أشعر بأنني احتاج نفسي كما احتاج غيري ،،،، ولكنني مازلت في حيرة متى أشعر وبمن أشعر ومن يستحق أن نشعربه ،،،،،

    قناعتي مازلت هي منذ أن كنت هناك وكنت متفائلة ولازلت : جميعنا شعراء لأننا نستشعر أن وجودنا دون شعور وخاصة بغيرنا يحولنا الى كائنات أخرى تعشق الأرض ونفسها فقط ،،،،،

    ردحذف
  2. مجهول قال:
    يونيو 5th, 2006 at 5 يونيو 2006 11:58 ص

    من منّا ليس شاعر؟

    جميعنا شعراء وان كنا لانشعر الا بأنفسنا ولكننا نشعر ،،،،،،

    ردحذف
  3. مجهول قال:
    يونيو 5th, 2006 at 5 يونيو 2006 11:58 ص

    وقرأ حفنة من براءتي, فأخذ بأذني وشكاني لأمي بأني عاشق

    اهااااااا براءة الطفولة حولتك الى متهم برتبة ” عاشق ”

    وبراءة غيرك قد تحوله الى متهم برتبة أرفع منزلة

    شعرت يوما بل لعنت يوما مصطلح ” البراءة ” بل فعل ” البراءة ” وتعلمت كيف أكون طفلة مع نفسي وبريئة مع ذاتي دون أن ألوث عالمي ببراءتي ،،،

    من يومها شعرت وتعلمت كيف أكون أكثر حرصا وفنا في تعاملي دون أن اتزلج على البراءة مطلقا فقد تنكسر مشاعري حينها سأصرخ وأقول بصوت غير مسموع ” كلنا شعراء “

    ردحذف
  4. مجهول قال:
    يونيو 5th, 2006 at 5 يونيو 2006 11:59 ص

    نحن حكّام عربستان

    ((قد تنساكم الشعوب حاكم تلو الآخر لأننا نبحث حاليا عن العندليب، وسنعود بعد فترة لنبحث عن هتلر في أوساطكم فماعليكم الا الاستعداد للبرنامج القادم)) ،،،،

    ردحذف

إرسال تعليق