2011-09-30
2011-09-28
لعنة التناقض!
بعد قرارات الملك عبدالله الأخيرة حول إمكانية أن تتبوَّأ المرأة السعودية مقعداً في مجلس الشورى، وأن تُرشَّح وتُرشِّح للانتخابات البلدية، كان الحكم بجلد مواطنة في السعودية لأنها قادت سيارتها كالصفعة على الأفواه التي لا تزال مبتسمة إثر قراري الملك.
الصدمة كانت قوية لدرجة أن الكثيرين مثلي لم يجدوا إجابة يردون بها على كل من سألهم: ماهذا التناقض بين قرارات الملك، وحكم الجلد؟
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يُعاني فيها المجتمع السعودي من هذا التناقض، وتلك الصفعات، بل كَتب التاريخ حوادث مشابهة، انبرت فيها كل سلطة لتحمي معتقادتها ورؤاها، بينما الفرد الذي يعيش على أرض هذه البلد هو الضحية، إذ يتخبط بين سلطة عقلانية تريد مواكبة العالم بالعلم والثروات الكبيرة المتاحة، وأخرى تؤطِّر الأشياء روحانياً بالدين، وزمانياً بإسقاط مفاهيم تفاهة الدنيا، والعالم يتآمر علينا، والخطر يحدق بنا من كل جانب، وأمريكا ليس لها هم سوى إشغالنا عن ديننا.. ومما يجري في هذا السياق.
ولم يكن للسلطة الدينية أن تدعي أنها ضد العقل أو تناقضه، حتى لا تفقد الثقة، ولكنها كانت ولا تزال تقدم العاطفة على الفِكر، والموروث على المبتكر، والبائد على الوليد؛ فتعددت صداماتها مع كل ما لم تعتد عليه، ولم تجده مكتوباً بـ "النص" فيما توارد إليها.
القصة لم تبدأ منذ أن كان الملك فيصل ولياً للعهد، وأراد رسمياً أن يقر تعليم البنات في السعودية في بدايات الستينيات من القرن الماضي، وسُمي ذلك الحدث فـ "فتنة تعليم البنات"، بل سبقتها صدامات إدخال الراديو وطباعة أول صحيفة، والتلفزيون والهاتف والتلغراف، بل هناك قصص عن محتجِّين على استدعاء الملك عبدالعزيز لشركات النفط الغربية لتنقب عنه في دولته الناشئة (أنظر كتاب "سمو الأميرة" لجين ساسون).
ومما عاصرنا، ويعرف الجميع، وقوف هذه السُّلطة ضد أمور تافهة، وإشغال السلطات الرسمية والمجتمع بها عما هو أهم، رغم قلة جدوى الخوض فيها أكثر من اللازم، وتجاوز الدول من حولنا لها دون تعطيل يُذكر، كالهواتف النقالة المزودة بكاميرا، وأطباق استقبال البث الفضائي، والتأمين بأنواعه، والأغاني، والاختلاط، والآثار الإسلامية، وكشف وجه المرأة، والابتعاث، وقيادة المرأة للسيارة، وغيرها من القضايا التي إما رضخوا لها بعد محاربتهم لها، أو لا يزالوا يحاربونها غير مبالين بتعدد الأقوال والمذاهب والنِّحل فيما اختلفوا فيه مع العالم.
نحنُ أمة إسلامية، تعتز بإسلامها ولا ترضى له بديلاً، ولكن الإسلام لم يكن يوماً رمزاً للتناقض، وليس منبعاً للكبت الذي تولد إثر عنف الصدامات بين السُّلطتين وهولها.
إن ما نعيشه نحن شباب هذا الوطن أشبه بالاستقطاب الذي يجعل النفس حائرة بين نقيضين في حالة حرب مستمرة، مما أذكى عندنا حِس التصنيف، وهاجس المداهنة، والخوف المستمر من إعمال العقل بتجرد فيما يخص القضايا الدنيوية البحتة.
ولا يصح في هذا السياق أن نستشهد بما عاشته أوروبا في مستقعها الظلامي بالقرون الوسطى، حين هيمنت الكنيسة على الحياة العامة، وحاربت العقل والمادة، وأبدلتهما بالروحانيات والخرافات، حتى استوعبوا خطورة ما يحدث، واستغرق الأمر منهم 3 قرون ليُزيحوا الظلام عن حياتهم البدائية، وينعموا بهبات الله للإنسان، ويستسلموا لكفاح العقل المستنير؛ كل هذا لا يصح أن نسقطه على ما نحياه لأن ديننا حكيم سَمح كامل، دعا في غير مقام إلى تقديم العلم على العبادة، واستثمار العقل، وتأمل الكون، وعمارة الأرض، وحسن الخلافة فيها.
توحيد السلطات في سلطة رسمية واحدة، لها نظرتها وخطتها وأملها في تطوِّر وطننا، سيبعث الأمل في جيلنا، ويزيد الثقة فينا لأن نُخلص من قلوبنا؛ وحينها لن يبقى للمستقبل المجهول، ولا للصورة الغامضة، ولا للألم الذي يعتصر قلوبنا، مكان ولا مصدر.
الله وحده يعلم ما نحن مقبلين عليه، إذا لم نتخلص من لعنة التناقض التي ترافقنا.
2011-09-16
شباب سعوديون يصوِّرون مأساتهم مع أزمة الحصول على سكن عبر "مونوبولي"

دبي - محمد جمال
أطلقت مجموعة من الشباب السعوديين، أمس الأربعاء، فيلماً وثائقياً درامياً يصوِّر معاناتهم مع أزمة الحصول على السكن، في قالب كوميديا سوداء، كشفوا من خلاله عن قصص واقعية مختلفة لمجموعة من الشباب، وقف ارتفاع الإيجارات وغلاء الأراضي عائقين أمام حصولهم على حقهم في السكن الملائم والآمن.
ويحكي الفيلم "مونوبولي" عن شاب يعيش في سيارة من نوع "فان"، يقص معاناته مع الحصول على سكن، تارة بالتمثيل الصامت، وأخرى حين يتحدث بسخرية عن رضاه عن مسكنه المتنقل الذي يحقق له العيش على البحر، أو في أي مكان يفضله، دون انتظار الحصول على سكن من الدولة.
وآخر هاجر إلى البرازيل لتصدير "الخطط العلمية" السعودية في كرة القدم إلى الدول الأجنبية، ممتهناً تدريب البرازيليين على لعب كرة القدم بطريقة صحيحة، حيث يعيش بالمجان في أحد الأحياء العشوائية هناك.
ومجموعة أخرى من 4 شباب ضاقت بهم أزمة الحصول على سكن، فاضطرتهم إلى السكن في غرفة واحدة؛ لكل منهم قصة، تُشابه كثيراً - وقد تُطابق - قصص الكثيرين من شباب هذا الجيل.
فرض رسوم
وفي معرِض الفيلم، أوضح الكاتب الاقتصادي عصام الزامل أن هناك صعوبات شديدة تقف ضد تملك الشباب السعودي للسكن، فالذي يستطيع تملك سكن في السعودية، وفقاً للمختصين، يجب أن لا يقل دخله الشهري عن 15 ألف ريال، بينما نسبة السعوديين الذين تتجاوز دخولهم الشهرية 15 ألف ريال لا تتجاوز 10% من مجموع السكان.
وتابع الزامل: "معدل رواتب موظفي القطاع الحكومي لا تتجاوز 7200 ريال، بينما معدل رواتب القطاع الخاص لا تتجاوز 3300 ريال، لذلك هناك فجوة كبيرة بين تملك السكن ومداخيل المواطنين في السعودية".
وشدد على أن الحل الوحيد لمشكلة ارتفاع أسعار الأراضي هو "سن رسوم سنوية على الأراضي البيضاء"، ويقول: "بمجرد سن هذه الرسوم سيبدأ تجار الأراضي ببيع أراضيهم، ولن يستطيعوا الاحتفاظ بها سنوات طويلة كما هو حاصل الآن، وستحل المشكلة خلال سنة أو سنتين من وقت سن هذه الرسوم، وسيزيد عندها انخفاض أسعار الأراضي عن نسبة 50% إلى 70%".
الفيلم "مونوبولي" الذي صُوِّر ما بين السعودية والبرازيل، أبرز أموراً أخرى غير فكرة الحصول السكن، التي تؤرق الشباب السعوديين، فكثيرون أيضاً لفت انتباههم أسلوب التصوير والإضاءة والسيناريو، ما يؤسس لنقلة نوعية في الأفلام القصيرة بالسعودية.
الفيلم لم يكلف شيئاً
وتابع الزامل: "معدل رواتب موظفي القطاع الحكومي لا تتجاوز 7200 ريال، بينما معدل رواتب القطاع الخاص لا تتجاوز 3300 ريال، لذلك هناك فجوة كبيرة بين تملك السكن ومداخيل المواطنين في السعودية".
وشدد على أن الحل الوحيد لمشكلة ارتفاع أسعار الأراضي هو "سن رسوم سنوية على الأراضي البيضاء"، ويقول: "بمجرد سن هذه الرسوم سيبدأ تجار الأراضي ببيع أراضيهم، ولن يستطيعوا الاحتفاظ بها سنوات طويلة كما هو حاصل الآن، وستحل المشكلة خلال سنة أو سنتين من وقت سن هذه الرسوم، وسيزيد عندها انخفاض أسعار الأراضي عن نسبة 50% إلى 70%".
الفيلم "مونوبولي" الذي صُوِّر ما بين السعودية والبرازيل، أبرز أموراً أخرى غير فكرة الحصول السكن، التي تؤرق الشباب السعوديين، فكثيرون أيضاً لفت انتباههم أسلوب التصوير والإضاءة والسيناريو، ما يؤسس لنقلة نوعية في الأفلام القصيرة بالسعودية.
الفيلم لم يكلف شيئاً
واتصلت "العربية.نت" بمخرج الفيلم بدر الحمود، وبادرته بالسؤال عن التقنيات المستخدمة في الفيلم، فأكد أن اهتمامهم الشديد بتفاصيل الإخراج والإضاءة أتى من أهمية الفكرة نفسها، وقال: "لدينا رسالة، ومن الابتذال أن نهمل الأمور الفنية، ونعتمد على الرسالة فقط". وأضاف: "رسالتك لن تصل، مهما كانت أهميتها، إلا إذا كانت متقنة، سواءً في السيناريو أو في الإخراج أو في التصوير".
وكشف الحمود عن أن تصوير الفيلم لم يكلف الكثير، بحكم عدم وجود ميزانية إنتاج، فالكاميرا التي تم استخدامها رخيصة جداً ويستطيع أي شخص اقتناءها، ولكنهم اعتمدوا كثيراً على جماليات الإضاءة وإيحاءاتها.
وحول مدة التصوير وأسلوب السيناريو قال الحمود لـ"العربية.نت": "الفكرة راودتنا من سنة، إلا أن التصوير استغرق شهرين، وفكرة (الفان) الذي يعيش فيه شخص لا يملك سكن موجودة من 2008، وتم العمل على السيناريو والحوار لـ6 أشهر، فأسلوب الـ"Mocomentry" المستخدم في الفيلم يتعمد جعل المشاهد حائراً ما بين الجزء الوثائقي والجزء الدرامي".
وتسابق السعوديون على "تويتر" في تداول الفيلم وتدوين آرائهم عنه، فقال الدكتور سلمان العودة عنه: "فيلم مونوبولي روح شباب شق طريقه بنفسه وقدم دراما تعبر عن مشكلة تكبر كل يوم.. شكراً لفريق العمل".
وقال رسام الكرتون المعروف مالك نجر: "فلم مونوبولي تطرق لقنبلة مؤقتة إذا انفجرت ستهدد الاستقرار والأمن في السعودية".
بينما علق القاضي الشيخ عيسى الغيث في صفحته على "تويتر": "بعد مشاهدتي لفلم مونوبولي عن احتكار الأراضي وتضخم أسعارها تساءلت في نفسي عن سر العلاقة بين أصحاب العقار وأصحاب القرار؟!".
يُذكر أن عدد مشاهدات الفيلم بلغت خلال 17 ساعة منذ إطلاقه 80 ألف مشاهدة تقريباً.
وكشف الحمود عن أن تصوير الفيلم لم يكلف الكثير، بحكم عدم وجود ميزانية إنتاج، فالكاميرا التي تم استخدامها رخيصة جداً ويستطيع أي شخص اقتناءها، ولكنهم اعتمدوا كثيراً على جماليات الإضاءة وإيحاءاتها.
وحول مدة التصوير وأسلوب السيناريو قال الحمود لـ"العربية.نت": "الفكرة راودتنا من سنة، إلا أن التصوير استغرق شهرين، وفكرة (الفان) الذي يعيش فيه شخص لا يملك سكن موجودة من 2008، وتم العمل على السيناريو والحوار لـ6 أشهر، فأسلوب الـ"Mocomentry" المستخدم في الفيلم يتعمد جعل المشاهد حائراً ما بين الجزء الوثائقي والجزء الدرامي".
وتسابق السعوديون على "تويتر" في تداول الفيلم وتدوين آرائهم عنه، فقال الدكتور سلمان العودة عنه: "فيلم مونوبولي روح شباب شق طريقه بنفسه وقدم دراما تعبر عن مشكلة تكبر كل يوم.. شكراً لفريق العمل".
وقال رسام الكرتون المعروف مالك نجر: "فلم مونوبولي تطرق لقنبلة مؤقتة إذا انفجرت ستهدد الاستقرار والأمن في السعودية".
بينما علق القاضي الشيخ عيسى الغيث في صفحته على "تويتر": "بعد مشاهدتي لفلم مونوبولي عن احتكار الأراضي وتضخم أسعارها تساءلت في نفسي عن سر العلاقة بين أصحاب العقار وأصحاب القرار؟!".
يُذكر أن عدد مشاهدات الفيلم بلغت خلال 17 ساعة منذ إطلاقه 80 ألف مشاهدة تقريباً.
2011-09-12
حربُ اللاوعي!
في صغري، عُرِّف لي الإنجاز على أنه: تحقيق ما يعود بالنفع على نفسك و/أو محيطك و/أو أمتك و/أو البشرية.
ربما لم يكن التعريف بهذه الدقة، ولكن كان هذا تصوِّري عن هذا المصطلح العظيم حتى وقت قريب.
وبديهياً، ووفقاً لتبايُن الطِّباع، تختلف النظرة إلى الإنجاز، وعلى ما يُطلق عليه فعلاً إنجاز. ربما يشعر المطرب أنه أنجز في نهاية الحفلة، ولكن هذا لا يُعد إنجازاً عند إمام المسجد مثلاً، والأمثلة لا تنتهي.
وبديهياً، ووفقاً لتبايُن الطِّباع، تختلف النظرة إلى الإنجاز، وعلى ما يُطلق عليه فعلاً إنجاز. ربما يشعر المطرب أنه أنجز في نهاية الحفلة، ولكن هذا لا يُعد إنجازاً عند إمام المسجد مثلاً، والأمثلة لا تنتهي.
وقد يشعر المدير أن الموظف أنجز إن أتم مهامه بإتقان، ولكن الموظف ليس بالضرورة أن يشعر أنه أنجز إن أتم مهامه. ربما هو ليس بمقتنع بهذه المهام أصلاً، أو عنده تحفظ على مجال عمله كُليَّة، ويحلم بعمل ينجز - وربما يُبدع - فيه في مكان آخر.
إن الإنجاز مرتبط بالدرجة الأولى بإشباع الرغبة، ولأن إشباع الرغبة مطلب غريزي، فالإنجاز كذلك. ومن هنا يأتي الشعور السيء الذي ينتابنا حين لا ننجز.. أو لا نشبع رغباتنا بمعنى أدق.
لذا، ترى إن تمعنت أن أكثر ما يُؤثر في السجين هو ليس الحرمان من الحرية المطلقة، بل الحرمان من حرية الإنجاز، إنجاز إشباع الرغبات على اختلافها، قد يكون لقاء من يحب من إحداها.
الشاب الذي يُعاني من البطالة، والمتقاعد، والذي يعمل في وظيفة لا تشبع رغباته، كلهم يفتقدون لمعنى الإنجاز الآني في حياتهم، فهم - على الأغلب - إما يُعزون أنفسهم بإنجازاتهم السابقة أو آمالهم اللاحقة، وإما يحيون تحت وطأة ضغط غرائزهم المضطهدة.
وليس غريباً أن الموظف الذي يوقع حضوره، ثم يغادر ليجلس مع أحبابه حتى نهاية الدوام، تجده سعيداً في نهاية اليوم، لأنه أشبع رغبة ذاتية عنده، ربما ليست إنجازاً بالنسبة للكثيرين، ولكنه أنجز بالنسبة لنفسه، وارتسمت عليه ملامح هذا الإنجاز فعلياً بشعور الرضى الذي غمره.
إن النجاح الذي يُحققه الإنسان - على أي صعيد - يعود الفضل فيه إلى الصوت الداخلي الذي يلح علينا دوماً بتلبية الغرائز، فغريزة فينا أن نعمر الأرض، وعمارتها تحتم علينا أن نتحلى بصفات الناجحين، ولولا هذا الإلحاح، لما تمكن الإنسان من بلوغ هذه الدرجة من التقدم الذي نعيشه مقارنة بالعصر الحجري.
ولذا تجد أن الظلم أو الجُرم أو سوء الخلق ليس من الغرائز التي بها تعمُر الأرض، وبالتالي هي ليست من صفات الناجحين، بل هي مكتسبات مصدرها اللاوعي. واللاوعي يبرز بقوة حين نغضب أو نحقد أو ننتقم، فيشوه غرائزنا، ولا يُظهر مِنا إلا أسوأ ما كان يُتوقع.
أنا لا أؤمن أن في كل شخص جانب حسن وآخر سيء، بل إن كل شخص حسن غريزياً، حتى يدخل في طور سيطرة اللاوعي، والمهم أن تخرج من هذا الطور في أسرع وقت، إلا أن البعض بيننا يعيش أغلب وقته تحت سيطرة اللاوعي، فتراه بعيد عن الطبيعة وعن حقيقته التي خُلِق عليها
بالنسبة لي، إن الإنجاز الحقيقي يكمن في القرب من اللاوعي، والسيطرة عليه، فاللاوعي مبنيٌّ على تراكمات، يُولد أبيض نقياً، ومع الوقت يُسجِّل كل ما نحس ونشعر به، ويحاول أن يتحكم بنا، ويُحدِّد لنا رغباتنا ويوهمنا بأنها غرائز وإنجازات يجب أن تتحقق، بينما نحن مَن يجب أن يُقرر، لأننا على الأقل.. مَن يملك العقل.
2011-09-11
اختارتْ لها قِبلة
بدآها حين رآها، ورأته سائرة
أحرف نثراها، نقشاها حائرة
لم يكن آتياً نحوها
لَم يكن ليأُمل لثمها
والأرضُ نهتهُ، عنفته، ثائرة
وتعلق الحُلُم بالأجرام السائرة
تمنَّاها يوم تحادثا.. رفيقة
مثَّل الاعتياد، والنبضاتُ دفيقة
لفتتهُ دوماً بقلبها النقي
وفكر يُشقيه حِكَماً شجي
جُن جنونه، لظلم الحقيقة
وتعثر الكَلِمُ، فكلٌ، فيه ما فيه، في فيه، من ضيقة
وتفننتِ الأقدارُ بالدَّوران
مرة تحنُّ، وأيام نيران
بعثرت كل صلة وضنَّت
على بريئنِ، بئيسَين، وشنَّت
حرباً آلت بها إلى سواه
حرباً ضَل بها، وأرْدَتهُ مثواه
حرباً ﻻ حدَّ لنقعِها طليقة
حربا، غبية شرقية صفيقة
دارتهُ عنها نجوم العنان
للحظة حنَّت، بل جنت، وذبحت قربان
للقدرِ قالت: مهلاً فهناك حُب
وأنهر وردية ﻻتزال تصُب
جسدين ثائرين، ريح دونهما تهب
هُناك حياتان مغلوبتان
يا لقسوة القدر.. بل قلبان ملتصقان
توقف كل شيء وأغرق
في الوجوم كون، ووجود أشرق
يا العطر الذي سكبته
إذ هلَّت، والسلام قالته
صافحت بنعومة، وكلٌ فيها أطرق
بدعة الأنوثة، جاءت في ثوب أزرق
نهارٌ في ذاك الليل نثر الدُّرر
وجيدٌ عنيد بكل النساء غدر
تأمُّلٌ، تبسمٌ، وبدأ الكلام
أراد تُلُوَّ الوجد، وفضح الهيام
أراد وأراد فِعل كل ما خطر
أرادَ شنق كل ما قلبه فطر
لكنها فهِمت بقلبها قَبله
وبين شفتيه اختارت لها قِبلة
قاوَمت، ساوَمت، إرادتها
تفتَّت، تلفَّتت، ليس عادتها
فكَّرت! ما أنا، ما ليلى، ما عبلة
ورسمت على شفتيه ألذ قُبلة
ما الذي صار؟ كيفَ، ماذا؟
رشفة مجنونة كتبَت ملاذا
على الشفتين، رسمت أقمارا وقوافي
مُزنٌ تهاوى على وقتهما الطافي
رحيق ألهبَ الصمتَ بالأنفاس
ونهدانِ تفجَّرا حسنا، ما مثله ماس
مرَّ عليهما، وكتب عليهما التيهَا
عرفتْ داوه، وأراد أن يُشقيها
وعادت العقارب جائرة
تدق ساعة العودة من جديد
وَوَجد سيخفيانه.. يدفنانه تليد
تعوَّدا.. فكم أخفيَا أحرفاً غائرة
والقصة بدأت حين رآها سائرة
2011-09-01
الصَّفع بالألوان
الأحداث تتناولنا، تؤثر فينا، تجعلنا نُفكِّر ونُحلل ونحتار، تتصادم أحياناً مع أمنياتنا، نتمنى أن لو لَم تكن، وربما لَم نكن.
وهكذا نمضي فوق صفائح الوجود، تتحرك بنا إن كنا أقوياء، وتهتز من تحتنا في معظم الأوقات، حين ﻻ نقوى على صناعة أقدارنا بأنفسنا.
ونتغيَّر وفقاً للنجوم، وفقاً للمؤثرات، وفقاً ﻷي صورة تعتقلها الحواس، لكننا ﻻ نتغيَّر وفقاً للفطرة، وفقاً للكمال الذي في داخلنا، فنملُّ منه ويملُّ منَّا، ونصاب بالخوف من الوحدة، وعُسِر تفسير الجَمَال.
ونبدأ بتلوين البشر من حولنا.. هذا شفاف، وذاك أسود، وهذا رمادي، فالأشياء.. فالكائنات.. حتى ننتهي، وتبقى أرواحنا، ننظرها بخبث، ونصفعها بالألوان.. بالتصنيف.
للأيام أفواه أحجامها متباينة، تقتاتُ منا، ومن أعمارنا، وصاحب الفم الأكبر.. هو اليوم الذي ﻻ نحب فيه.
الاشتراك في:
التعليقات (Atom)
بلاغة الصمت تهز العالم
في تلك الحقبة الرمادية من مطلع القرن العشرين، حين كانت السينما لا تزال تحبو في مهدها الصامت، وكانت الصورة لغة كونية لا تحتاج إلى ترجمان يف...
-
انفجار بيروت الهائل الذي فجَّر جراحا جديدة في جسد لبنان، يجبرنا على العودة إلى الحديث عن حزب الله.. التنظيم الذي حوّل رئة الشرق وجنته، إلى ...
-
الرابط لا يستهان به بين هدوء المرء، وانعكاس ذلك على حياته ومن حوله. أخذ الأمور بشيء من الرَّوية، يروي جوانب كثيرة، ويُحسِّن ما يُنبته العقل ...




