القبيلة لم تعد معزولة!
هناك فرق بين الاهتمام والإغراق، وللأخير نتيجة عكسية تتمثل في فقدان التوازن بالحياة، فليس هناك مِن مُنصرفٍ (كلياً) لأمر ما، إلا وفشل في أمور أخرى! فحين ينصرف الطبيب لأبحاثه، ويتعبد في محراب تخصصه، وينغلق داخل دائرة تُمَثِّلُ اختيارَهُ الوحيد الذي رأى نشوته فيه، هو بالضرورة، قد فقد توازنه في الحياة، فأهمل بيته رُبما، أو علاقاته، أو الاستمتاع بألوان الحياة وصُنوفِ مذاقها، أو قد ينسى أن يهتم لصحته على أقل تقدير، وهو طبيب! وكذا الحال في كلٍ منصرفٍ قانتٍ متعلق النظر، أمسى كخيل في مضمار السَّبق، تُحجب عنه رؤية ما حوله، حتى لا ينشغل إلا بما جُعِلَ له، فيؤمن بأن العبرة بالوصول إلى نقطة النهاية، والتفوق في الوصول إليها سريعاً، وأن وجوده - بحسب ما يؤمن به - متوقفٌ على هذا الهدف! وحين نتفكر، ماذا لو انصرفت أمة ما لتنتطبع بفكرِ رجل واحد، أو رجلين أو ثلاثة، وعَصَمَت هذا الفكر حتى جعلته محل التقديس الذي يُحَرِّم أن تُناقَش مُخرجاتُهُ، فضلاً عن أن يُأخذ منه ويُرَد؛ لصَعُبَ على هذه الأمة أن تَتَجَدَّدَ لتُواكِب، وأن تُنافِسَ في مساعي جعل الحياة أفضل وأجمل، ولانغلقت على ذاتها كقبي...