2009-04-18

الرجُل عند كلمته!

إن التطوُّر (الإرادي) من سِمات الإنسان، وهو سِمة ترتبط أول ما ترتبط بالفكر الذي يُغذي كل شيء، فتـُراه تحوَّل من طورٍ إلى طورٍ، ومن طبقٍ إلى طبقٍ، قناعة منه بأن التغيير ما وقع إلا لأنه الأفضل.

والعجيب أن كلمة "تطوُّر" بمعناها اللغوي تعني: التحول من طورٍ إلى طور، و"الطـَّور": هو المرَّة والتارة والحالة والمرحلة. وكل معاني "الطُّور" كما نلاحظ مبهمة! فهي لا تقصد التحول إلى الأفضل ولا تنفيه! فالتطوُّر لا يعني – بأي حال – التحوُّل - مطلقاً بمقاييس كل الناس - إلى الأفضل، بل هو نظرية تحتمل كل التوجُّهات والرُّؤى، كلٌ بحسب وقعِ هذا التحول على طبعه وفِكره وحياته.

والذي لا يتطوَّر كالذي يحافظ على حجم مخه منذ لحظة ولادته، ولهذا تـُراني أعتب على المثل القائل: "الرجل عند كلمته!" أو الذي يقول: "خذ كلمة رجل!". يظهر أنَّ المأمول من هذه الأمثال استثارة الثبات على الوعد وعدم التراجع عن العهد، ولكني أضع اصبعي هنا على الذي لا يَقبل حتى أن يغير الرجل كلمته إلى الحق أو الأفضل أو رأي أسدُّ وأصوب!

وإني لأعتب أكثر على الذي يذكر التاريخ أكثر من ذكره لله! فتـُراه يرى الماضي معلقاً على شحوم آذان الناس، فيَحاجُّ به، ويُجادِل عليه، وي كأن الناس لا تتغير، وإن تغيَّرت لا يحق لها أن تتراجع عن سابق فِكرها مهما دارت الأرض!

وبهذه الأيدلوجية يهاجم الكثيرون أي شخصٍ تطوَّر، مفكراً أو داعية أو مُنـَظـِّراً أو شخصً عادياً، حادَ ثم عاد، أو أمعَن ثم تسطـَّح، أو ركِبَ طبقاً عن طبقٍ دون إفراطٍ أو تفريط. فهؤلاء - أي المهاجمون - هم الذين يرون أنَّ للثبات قدسية، ولو على حِساب كل الفضائل والمُثل الإنسانية، فيبقون على الإنطباع الأول، يُغنون على طللٍ لم يبقَ منه إلاّ رائحة خانقة، تخلـَّفت عن اللحاق بالعقل الإنساني الباحث دوماً عن الحكمة، والطَّورِ الأفضل.

2009-04-08

اعذرني يا "الوطن" الجديد!


وقعت بين يدي أخيراً جريدة الوطن (قلتُ جريدة ولم أقل صحيفة لأن كلمة صحيفه تـُطلق على كل ما يُـتصفـَّح، وتدخل في ذلك المجلات والنشرات، أما اسم جريدة فهو خاص بالجرائد بشكلها المُتعارف عليه).

على أي حال، أقول بأنه وقعت بين يدي أخيراً جريدة الوطن بشكلها الجديد، الشكل الذي شاهدت إعلاناته بالشوارع وعلى التلفزيون، وشدَّتني جُرأة فكرته، ولا غرو! فجريدة الوطن هيَ أجرأ صحيفة سعودية في رأيي ورأي الكثيرين، بحكم استقطابها لأجرأ الأقلام السعودية، ولأن رئيس تحريرها جمال خاشقجي ذا فكر لبرالي معتدل، يحفظ حدود الصحافة السعودية جيداً، ويستغل حفظه لها بكل ما أوتيَ مِن حرية.

لقد تميَّزت جريدة الوطن كثيراً بشكلها الجديد، وطريقة إخراجه الفريدة. ولأني أحب الجديد والتجديد، وتستهويني الجُرأة والخروج عن السائد، أعجِبت بالشكل الجديد، وشجاعة مجلس إدارتها على اتخاذ قرار التغيير إلى هذا الشكل المُلفِت حقاً.

وأثناء استرسالي في تقليب صفحاتها، لاحظتُ أن التغيير شامل كامل، يستخدم 3 أشكال للخطوط مُبالغاً في التبايُن بين أحجامها، والألوان كثيرة، وفوق كل عمود أو مقال صحفي صورة للجزء العلوي الكامل للكاتب، ولكل قسم شريط عريض بلونٍ مختلف، وداخل كل قسم ينتشر اللون الموجود على الشريط الأساسي للقسم بعدد الأخبار، والأخبار متداخلة، وفي داخل الجريدة ملحق يومي للاقتصاد والفن والرياضة، وحجم نص الأخبار صغير، والعناوين كبيرة جداً وكثيرة، .... تعبت!

تعبتُ من ملاحقة الشكل الجديد بإخراجه المُغاير. إنه جريء، ولكنه ليس رائعاً! لقد أفقدني متعة الاستمتاع بقراءة جرأة الوطن، وغافلني بقوة حين أخذني بعينايَ وعقلي إلى غمرة من تأمل التصميم، وتحليل الإخراج، وتفنيد الأفكار الفنية التي خلفه،... حتى مللت!

اعذرني يا "الوطن" الجديد، فلا أظن أني سأعود بذات الحماس السابق لأقرأك من جديد.