"أفا! طِحت من عيني"

من سمات الانفتاح العقلي قبول لجوء البعض لخيارات أخرى غير التي نراها صواباً، قبولاً برضى واضحٍ دون تحفظٍ يتم إكنانه أو تهكم يتم إسراره؛ إذ ليس من واجبنا دائماً أن نسعى لصراعات نثبت فيها أن ما اختاره غيرنا خاطيء؛ بالتأكيد ما لم تكن المسألة متعلقة بأخلاقيات مُسلَّم بها. الحقيقة إن باب الخيارات في الحياة مفتوح على مصراعيه، والقناعة المطلقة ببلوغ الحقيقة تتفاوت بحسب طرائق التفكير والحساب، وجمع كل العقول في زاوية واحدة لتفكر بنفس الطريقة، أو لإجبارها على نفس الحقيقة، ضرب من الإمبريالية الفكرية، وتخلف عن استيعاب الواقع، بكل ألوانه وطيوفه. المجتمعات التي تنهج منهج الخيار الوحيد، والسيطرة الجبرية على النزوح إلى ما غير هذا الخيار، تستشري فيها العصبية بالضرورة، فينعدم الحوار، ويشتد الخلاف، ويهيمن التصنيف، ويبدو مبدأ "إما أو" جلياً عند توصيف الناس، فتُشخصن الخلافات، غالباً باسم الفكر، فيُقال: "أنا ضد تفكير فلان"، وهو في النهاية يُكِنُّ أنه ضده كشخص، فما "فلان" دون فِكرِه أي عقله أي آدميته؟ إن عدم قبولنا لفكرة أو مجموعة أفكار انتهجها "فلان"، لا ي...