التدوين المُصغَّر



قل عدد نشطاء التدوين حولي، وأنا منهم، بعد أن كنتُ أكتب ما يزيد عن تدوينتين في الأسبوع، أصبح ثقيلاً على روحي أن أكتب تدوينة كل شهرين أو ربما 3 أشهر، والحقيقة أن الأسباب كثيرة ومتعددة، كثيرون يُرجئون هذا الشعور الذي ربما يشاركوني فيه إلى المشاغل التي لا تنتهي، وواقع الحال يقول أن المرء كلما كبُر، كُبرت مشاغله.


إلا أني لا أدَّعي هذا الآن، بعد أن وقفت على الحقيقة، وحللتُ السبب ودرسته وقلبته، إنه "تويتر"، ذلك الاختراع العجيب الذي يُجبرك على أن تختصر ما ترغب التعبير عنه إلى جُملة وربما كلمتين، فتخترق بـ "تدوينتك المُصغَّرة" الحُجُب والأمصار، لتصل بها إلى أعين أناسٍ ألِفت الخلاصات وعشقتها، وتزداد كل يوم تعلقاً بـ "المختصر المفيد".


وفي "تويتر" انقلبت الموازين، فكلما كانت "تدوينتك المصغرة" ممشوقة الأحرف ناهدة التعبير، كلما زاد عدد متداوليها، وبالتالي يزداد متابعيك، بخلاف التدوين في المدوَّنات الذي يحمل طابع الإسهاب والتفصيل، فالمساحة هنا كافية لأن تكتب كما تريد، بالكم الذي تريد.


ميزة أخرى يحملها "تويتر" وهي مراقبة عدد المتابعين، وبسرعة وفعالية تدفع للمزيد من الحِراك والكتابة، بخلاف المدونات العادية التي لا ترسل لك أن "فلان" قرأ تدوينتك أو بدأ بمتابعتك، رغم اجتهادات "قووقل" في ذلك عبر مدوناتها، إلا أنني لم ألتقِ للآن بعدد متابعين لمدونة يضاهي أرقام أعداد المتابعين لبعض الفعَّالين في "تويتر".


أضف إلى ذلك سرعة الإرفاق للصور والمواقع والأفلام عبر تحويلها إلى وصلات، ويُسر المشاركة والتفاعُل، لقد أوجد "تويتر" سبيلاً نضراً لأولئك الذين لا يملكون الوقت أو يخشون الكتابة أو لا يُجيدونها، فبإمكانك في "تويتر" أن تكتب بأي طريقة لتعبر عن أمر ما، ويشفع لك دائماً صغر مساحة الكتابة، وعذر المشاركة عبر الجوَّال وأنت في السيارة أو تمشي أو تجري حتى، فنادراً ما تجد أن يلومك أحد على خطأ مطبعي أو لأنك لم تراعِ أُسّاً من أسس الكتابة حين شاركت في "تويتر".


وأعود مرة بعد مرة للوم "تويتر" على اختصاره لأفكار ما كانت لتُختصر في مدونتي، إلا إن لومي يتصاغر وقد يختفي أمام فوائد عِظام، تعلمتها منه، وأخال أني لم أكن لأجنيها لولاه.

تعليقات

  1. أنت تقف بقوة إلى جانب تويتر والتدوين السريع الذي يطبق قاعدة خير الكلام ما قل ودل.

    أقول لك بالتوفيق.. أما أنا فلا هنا ولا هناك..

    بقي أن أضيف أن التوترات تنتهي صلاحيتها بعد أيام. أما التدوينات فلها قيمتها بعد مئة سنة..

    ردحذف

إرسال تعليق