لا قدوة لدى العُظماء



قفزت إلى ذهني حقيقةٌ مُرّة بعد أن انتهى نقاش فكري بيني وبين أحدهم حول أحد عظماء عصرنا; وكان جلّ ما رجاه هو أن أصل لمأخذٍ عن هذا الرجل لأنثني عن إعجابي المضطرد له. بيت القصيد يكمن في أني سمعت من عدة أناس, وممن تناقشت معه أن هذا الرجل (علماني)! ويقول: كيف أني أهتمّ أو أقرأ أو أستفيد من شخص علماني! مع أني لم أقتف أثر ذلك فيه ولن أقتفيه, فالجانب المضيء من حياة هذا الرجل, ثبّط كل فكرة لأن أحاول دراسة شخصيته أو فكره من ناحية توجّهية دينية؛ فما دخلي ومسلكه, وما دخلي وسواد سريرته, وما دخلي بالترح الذي فرضه على آخرته؟ بذلك احتدم نقاشي مع ذلك المتناقش (الفذّ), وبررتُ كل تساؤلاتي الموازية للا مبالاتي بخلد الشخصية التي كانت محور نقاشي معه.

عيبنا المعيب في هذا الزمن أنا إن أخذنا على أحدهم مأخذاً ينافي تطلعاتنا وتوجهاتنا, نمتعض ونتوارى دون انبهارنا السابق بالجوانب المضيئة في حياة ذلك الشخص. في الحقيقة, لا أنكر أو ينكر أحدنا انعدام الكمال في البشر كافة, وحكمة ذلك إلهية بحتة لإثبات عظمة الخالق وحسن تدبيره, ومن هنا, يجب أن لا نتحصّن ضد السيئ مما نحمل, وفي المقابل, يجب أن نتوقع أن نكتشف طلاحاً وسوءاً ممن كنا لا نتوقع عنه سوى العظمة والحُسن.

القدوة تأتي محاذاة دائماً للاهتمام, فاهتمامي رياضي, إذن قدوتي اللاعب الفلاني, وإذا كان اهتمامي فقهي, فقدوتي الشيخ أو العلامة الفلاني, وإذا كان اهتمامي حياتي, فربما قدوتي خبرة أبي, وصبر أمي. وهكذا, بتعداد القدوات, تتعدد الاهتمامات والتوجهات, وهذا بطبيعته - أي تعدد الاهتمامات - سمة لنجباء التاريخ, وفلاسفة الحياة, وعظماء البشر.

إنّ اهتمامنا بالجانب المضيء في حياة كل شخص نعجب له, هو برهنة تامة لحكمتنا وتوسّعنا في الاقتداء, وبذلك سنجني – إن أحسنـّا الاختيار والاقتداء - حتماً من كل بستان وحقل ومزرعة أو حتى باقة, من كل ذلك سنجني زهرة أو بضع زهرة أو رائحة زهرة.

وصدق عبد الله بن عبّاس رضي الله عنه ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سُئل: كيف يصبح الإنسان عالماً, فأجاب: (بلسان سَؤول, وقلب عقول).

تعليقات

  1. مجهول قال:
    يونيو 5th, 2006 at 5 يونيو 2006 12:07 م

    كنت هنا ،،،،،، أنا اهتمامي انساني بحت فبمن أعجب في هذا الزمن ؟

    ” ؟؟؟؟؟؟؟؟ ” :
    ا/ م ج ،،،،، صفحاتك لاتتركها جافة طويلا امطرها بمزيد من الأحرف لأننا نتظرك ،،،،

    ردحذف

إرسال تعليق