التقدّم بمنظور عربستاني




كم من مرة دُعيت إلى روائع نِتاج مسرح الجامعة, وكم من مرة قرأت خبراً - صغيراً كان أو كبيراً - عن مشاركات أبطال مسرح الجامعة في مهرجانات محليّة وإقليمية, وعالمية. ولم يساورني أدنى شك في أن يُبْرع أبطال المسرح أيضاً في مجابهة أبطال مسارحٍ من كواكب أخرى! فخبرتنا نحن الشعوب العربية في أسليب الترفيه أصبحت توازي يُتم عقولنا لنركض لاهثين خلف التقدم العلمي..بكل بطء.

لا أريد عقد مقارانات بين جامعاتنا العربية مجتمعة, وبين جامعة نوتنجهام أو إكسفورد, فنجم الشمس يغلب كل النجوم مجتمعة, والطابع دوماً يغلب التطبّع; ولكن لماذا لا نهتم بصقل عقولنا وتنظيفها من شوائب المقاهي الليلة, والتفاهات الغائرات من حولنا, كما نهتم لطبق الاستقبال إن تحوّل مساره, أو كما نهتم للباقتنا حين نطلب قهوة وتقف إلى جوارنا امرأة!

نريد التقدّم, ولكن خلف نساء ضاقت بهم عباءاتهم في مركز تجاري, ونريد التقدم, لنسلي أنفسنا قدر الإمكان بتأليف أطول سؤال عن (مَن نحن وماذا نريد؟)! أو التحدث عن آخر أنواع الإضاءات التي تبيّن بوضوح ذبذبة هواتفنا الجوّالة, كما توضّح بؤس اهتمامنا بآخر بحوث انتقالنا لكوكب آخر قريباً بعد أن ستضيق الأرض بشعوب الشرق الأوسط لحبهم المقدّس للجنس أو كما نهتم بما ستؤول إليه حكومة فلسطين.

سمعت أن الجامعة تعطي مكافآت سخيّة, وتتجاوز هذا إلى توفير سكن مرتب مريح, وتذاكر سفر مجانية لمبدعي المسرح, وسمعت أيضاً أن طالباً نابغاً في كليّة الهندسة رُفض طلبه بمنحه أحقيّة اختراع, وتذكرة سفر لاختراعه سيّارة تسير بالكهرباء حتى سرعة 100 كلم/ساعة, وبعد ذلك, يتحوّل المحرّك ليعمل بالوقود تلقائيّاً. مع أن اختراعه هذا كان الأوّل عالمياً, وطلب منه تقديمه للجنة تقييميّة في سويسرا, ولكنه لم يستطع السفر, ورُكن اختراعه, وأخذ يعمل في دائرة حكوميّة عادية!

اليُتم العقلي, وادعاؤنا الدائم بأنّا متخلفون تابعون متواكلون, وعدم اكتراثنا برائعي عصرنا المنقلب علينا, هوَ ما ثبّط همم أصحاب العقول النيّرة, الذين يحملون الكثير للإنسانيّة, الذين توارثوا ذكاء من يستحقون أن نطلق عليهم (عَرَباً) بمعنى الكلمة.

الأهداف المستقبيّلة صارت لا تعني سوى المال, وامرأة كمقدّمة أغانيCom., وصوتها كصوت أميرة الفضل, ولبسها كجوليا روبرتس! ومِن ثمّ يأتي بعض الخلُق, وقليل من الحياء, وقطرات من الحِشمة. وإذا ربطنا ذلك بالاجتهاد والتخرّج من الجامعة بمعدّل جيّد, أسقطنا عليه عموداً يقضي بأن النجاح كفيل بكل شيء وأن الوظائف صارت بطريقتين, إمّا بالواسطة, أو بالقسمة النصيب, ومِن ثمّ يأتي الإبداع الفكريّ المرتكز على ما تعلّمناه, لأنه لن يهتمّ لكَ عاقلٌ يجد بديلاً عنك, ويعطيه ربع ما كان سيعطيه إيّاك!

تعليقات

  1. مجهول قال:
    يونيو 5th, 2006 at 5 يونيو 2006 12:26 م
    فقط لأننا عربا نرث التفاهات جيلا بعد آخر، وكيفما تفكر تكون لذا علينا غرس التفاهات والتشبث بها تحت مظلة القومية العربية ،، رائع ماكتبت كروعتك حقا ،، تحياتي

    ردحذف

إرسال تعليق