فن المُبالاة!

يجدُر بالإنسان أحياناً أن لا يُبالي، خوفاً من فكرة قد تبلى، دون أن ينتهي أثرها السلبي عليه. وإني لأمجِّد أن لا يُدقق المرء في كل شيء، فحسبه من الأمور ظاهرها، إلا إن دعت الحاجة إلى التحليل والتخليل، وهذا نادراً ما يُحتاج إليه.

أما الأمرُّ والأدهى أن لا نرتب أولويات اللا مبالاة! فلا ندري متى نبالي ومتى لا نبالي، ومتى نهتم ومتى لا نهتم. وعدم الاهتمام في ما يجدر الاهتمام به يُصنَّف عندي على أنه إساءة إلى الشخص المتعلق به الأمر، إذا كان هناك شخص في العلاقة.

أما الأمر والأدهى لو كان الأمر يتعلق بشخص مهم، وكانت توقعات هذا الشخص المهم أن يُهتم لأمره، ليس لأنه مهم، ولكن لأنه يستحق المُبالاة.

أما الأمر والأدهى أن لا يُقدِّر الواحد أنه أخطأ في توزيع أولويات الاهتمام، فيُكثر الخلط، وكأنه يختار عشوائياً لمن يُبالي وكيف.

أما الأدهى والأمر أن يعترف الواحد لاحقاً أنه تراخى وأخطأ، ولكنه لا يُبادر من فوره إلى الاهتمام فيمن استحق الاهتمام له، فيُصيب سهماً فوق سهم، ويوغِل في التزحزح عن المسار الفرضي لحقيقة المُبالاة وفنونها.

أما الأدهى والأمر أن لا يعرف الواحد كيف يهتم أصلاً، ولا يعرف الفرق بين الاهتمام وحسن التقدير والمُجاملة والبِر، فيتصارع وحده مع كل الشيء، ويخلد في النهاية – غالباً – إلى هواه، فيرتب كل الصناديق ليرقد فوقها، ولا بأس إن تضررت ومات ما تحويه.

أما الأدهى والأمر أن تغيب القناعة بأمر أولويات الاهتمام، فلا يُعترف بأن للاهتمام وجود، بل بأنه أسطورة، اختلقها الرؤساء والأرباب ليُطبقوا السماء على الأرض، ويجعلوا الحياة خانقة.

.... لا بأس في أن نحاول إعادة فهم المُبالاة، فإما سنرقى أو سنضيع وتضيع معنا بُقعتنا من الأرض.


تعليقات