يوتيوب السعودية

حين بدأت برامج اليوتيوب الشبابية السعودية فرحت بها كثيراً، ولازلت أفرح لكل برنامج جديد مهما كان محتواه، ليقيني من أن هذه البرامج لن تستمر على ذات المنوال في تحقيق نسبة المشاهدة، فلا نضطر لمشاهدتها رغماً عنا، كما كنا نشاهد "طاش" في السنوات الأخيرة، وشركات الأبحاث التسويقية كانت تظن أننا كنا نشاهده ونحن في قمة متعتنا، بينما كنا نبحث عن الضحكة والحبكة، في كومة استخفاف.

لكل برنامج فيديو، مهما كان وسيط عرضه، عوامل تساعد على نجاحه، فإذا أخفق عامل، أسندته بقية العوامل، تماماً كما حدث في "طاش"، فقد بدأ بالعوامل: الفكرة، النص، الممثلين، الإخراج؛ وكان مستوى التناغم بين هذه العوامل جيداً بمعايير التسعينات، ثم بدأ المسلسل يترنح، فيرتكز على عوامل، ويفقد أخرى، حتى خسرها كلها تقريباً، فأصبح كثيرون يرغمون أنفسهم على مشاهدة "طاش"، بحثاً عن بقية العوامل، ولا يجدون أمامهم إلا القصبي والسدحان.

التنبؤ بنجاح أو فشل عرض ما يُقاس على مفهوم العوامل الذي يضعه الجمهور ويتهم له، ومن هنا تأتي إجابة السؤال: لماذا يخسر برنامج على يوتيوب مشاهديه؟ ببساطة لأنه اعتمد منذ البداية على عامل أو عاملين، ولم يعدد وسائل النجاح أو يطورها، وحين فقد هذا العامل أو العاملين، لم يجد ما يُنقذ به برنامجه، ففقد مشاهديه أو توقف عند حد معين في نسبة المشاهدة.

معظم برامج اليوتيوب تعتمد على عامل واحد هو المحتوى، ومن هنا أصبحت المنافسة سهلة، فإذا طوَّر أحدهم منتجه إخراجياً، أو إذا ركز على أفكار مختلفة، ربما تفوق على جميع من هم في الساحة، حتى لو قدم محتوىً مكروراً.

ربما قلة المستثمرين في هذا المجال هو السبب، فلدينا شركة أو شركتين مهتمة بهذه الصناعة في السعودية، ولكن الفخ الذي وقعت فيه هذه الشركات هو التركيز على الكم، كم البرامج، وليس على تطوير الموجود بمقياس العوامل الذي أشرت إليه، فتحولت شركات إنتاج برامج اليوتيوب السعودية إلى قنوات تلفزيونية تجارية هما زيادة نسبة الإعلان بالكم، وليس بتطوير الموجود وزيادة عوامل إنجاحه حتى يرتفع معدل نسبة المشاهدة.

المراهنة على بقاء حال هذه الصناعة كما هو، فقط بالاعتماد على المحتوى الذي يتم تمريره من تحت أرجل حارس بوابة الإعلام التقليدي، ضرب من الخيال، فعلى هذه الشركات أن تستوعب تماماً أن الجيل القادم من برامج الإنترنت سيكون مختلفاً ومدروساً وذكياً، وقد ترعاه مؤسسات إعلامية تقليدية ضخمة، رأت أن تتخلى عن عباءة التقليدية، لتكون أقرب للجيل الجديد.

 

 

تعليقات